مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (17)

مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (17)

الخرافات في كتب ابن عطاء كغيره من الصوفية

إن كتب ابن عطاء تضمنت الخرافات والكرامات المزعومة كغيره من الصوفية الذين ينقلون الخرامات والحكايات التي يكذبها الحس والوجدان ، ولا يصدق بها إلا من غلب على عقله التصوف والخذلان ؛ فهو مثل غيره من الصوفية الذين خلى تراثهم ومصنفاتهم من نظير التتمة وعجزوا عن الإتيان بمثلها ، ولم يختلف عنهم بما يؤهله للإتيان بمثلها وكتبه خير شاهد على كونه غيره من التصوف ولا شأن له غيرهم ، وهذه بعض الخرافات التي جاءت في كتبه كغيره من الصوفية الذين ينقلون هذه الحكايات والأساطير :

يقول متحدثا عن سفيان الثوري : (حكي عن أبي الحسن الثوري أنه بقي في منزله سبعة أيام لم يأكل ولم يشرب ولم ينم وهو يقول اللّه اللّه)([1]).

ويقول : (سافر بعضهم وكانت زوجته حاملا ؛ فقال حين خرج : اللهم إني أستودعك ما في بطنها ، فتوفيت زوجته في غيبته وهي حامل ، فلما قدم من سفره سأل عنها ، فقيل : توفيت وهي حامل . فلما كان الليل خرج إلى المقابر ، فرأى نورا ، فتبعه ، فإذا هو في قبرها ، فنبش عليها ، فإذا بالصبي يرضع من ثديها ، فتعجب من ذلك ، فهتف به هاتف : يا هذا ، إنك استودعتنا الولد فوجدته ، أما لو استودعتنا أمه لوجدتهما جميعا)([2]).

ويقول مخبرا عن بعضهم : (صام بعضهم أربعين سنة ولم يعلم به أهله)([3]).

ونقل في كتاب التنوير : (قال بعض العارفين دخلت على بعض المشايخ بالمغرب في دائرة فقمت لأملأ ماء للوضوء فقام الشيخ ليملأ عني فأبيت فأبى إلا أن يملأ وأمسك طرف الحبل بيده وفي الدار عند البئر شجرة زيتون قد خيمت على الدار فقلت له يا سيدي لم لا تربط طرف هذا الحبل بهذه الشجرة ؟قال أو ههنا شجرة ؟إن لي في هذه الدار ستين عاماً لم أعرف أن في هذه الدار شجرة)([4]).

وإذا ما كان ابن عطاء كغيره من الصوفية ولم يختلف حاله عنهم فعجبا أن يعجزوا من أن يأتوا بما أتى به ؟! ولم نجد في تراث التصوف وإلى يومنا هذا دعاء يشبه التتمة أو قريبا منها!

 

خلو التراث الصوفي من التتمة

إن من الأمور التي ينبغي الالتفات إليها هو خلو مصادر التصوف من التتمة قبل زمن السيد ابن طاووس ، بل خلو مصادر التصوف من دعاء يماثلها من حيث اللفظ والمضمون ، وهذا مما يضعف إدراجها في الدعاء غفلة من قبل السيد ابن طاووس ، ويضعف أيضاً دسها في نسخة الإقبال ولم يعهد التراث الصوفي ممن له القدرة على إنشاء مثلها ، مضافا إلى أن كلا الاحتمالين لا دليل عليه ولا حتى قرينة ضعيفة أو معتد بها يمكن أخذها بنظر الاعتبار.

وإلى عصرنا هذا لم يكن بوسع أحد إنشاء مثلها من حيث الأسلوب والمضمون ، ولك أن تنظر إلى ما أنشأه الشيخ حسن زاده في أدعيته حتى تعرف كيف أن البون شاسع.  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) القصد المجرد،ص48.

[2] ) ترتيب السلوك،ص49.

[3] ) تاج العروس،ص17.

[4] ) التنوير،ص109.

Comments (0)
Add Comment