مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (19)

مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (19)

العارفون بالتراث الصوفي ينفون التتمة عن التصوف

 إن من أراد الأخذ بميل العلامة المجلسي رحمه الله وتقليده فيما يقول لكونه أعرف بتراث أهل البيت عليهم السلام كان عليه أيضا ما زال هو في حيز التقليد الأخذ بنظر الاعتبار كلام الذين هم على دراية بتراث التصوف ممن يقطعون بنسبة التتمة للدعاء وينفونها عن التصوف ؛ لأن لهما الخبرة والباع الطويل في معرفة كلام الصوفية وتراثهم . وليس لمن أراد التوكز على كلام العلامة المجلسي وتقليده لمعرفته في تراث أهل البيت عليهم السلام غض النظر عمن لديه الدراية في تراث التصوف.

وإليك كلمات أهل المعرفة والدراية في التراث الصوفي الذين ينفون التتمة عن التصوف ويقولون الصوفية أعجز م الإتيان بمثلها :

السيد الطباطبائي :

  يرى السيد الطباطبائي أن المقطع الأخير من دعاء عرفة من أصل الدعاء لعلو مضامينه وعجز الصوفية وغيرهم عن الإتيان بمثله : (من الذي يقدر على بيان مثل هذه الحقائق ؟! لقد اشتغلنا عمرا في المسائل الفلسفية والعرفانية ونحن نعجز عن مثل هذا الكلام)([1]).

وقال الشيخ محمد الري شهري بعد ما نقل كلامه : (ما أفاده العلامة المجلسي من عدم انسجام عبارات الدعاء مع سياق أدعية المعصومين عليهم السلام ، فإنه وإن كان يصدق على أكثر الأدعية المروية عنهم ، إلا أنه لا يصدق على بعضها كالمناجاة الشعبانية . وعلى كل حال ، فإنه ينبغي هنا أن نقول ما قاله العلامة المجلسي في ذيل كلامه : واللَّه أعلم بحقائق الأحوال)([2]).

السيد الخميني :

السيد الخميني لم يتردد بنسبة التتمة  للإمام الحسين عليه السلام حيث يقول : (يقول سيد الشهداء عليه السلام (متى غبت) ويقول : (عميت عين لا تراك عليها رقيبا) وهي عمياء بالفعل)([3]).

فكلتا الفقرتين من التتمة التي هي محل الكلام ونسبهما للإمام الحسين عليه السلام دون أدنى تردد وتأمل.

السيد الطهراني :

يقول السيد محمد حسين الطهراني : (إن هذه الفقرات من الدعاء ذكرها العارف المشهور أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري المتوفى سنة 709 هجرية في كتابه المسمى ب (الحِكم العطائية والمناجاة الإلهية) حيث عُدّت من جملة أدعية هذا العارف ومناجاته . وكانت وفاة ابن طاووس على ما في (أعيان الشيعة) ج 42 ، ص 184 ، في سنة 664 هجرية ، فإذا صحت نسبة هذا الدعاء إلى ابن عطاء فمن المستبعد أن ينقلها ابن طاووس في كتابه في حين أن ابن عطاء توفي بعد ابن طاووس ب ( 45 سنة ) . لذا فإن الاحتمال الثاني للمجلسي أُرجح . ولكن يمكننا أن نقول : إن هذا الدعاء لسيد الشهداء عليه السلام نفسه بيد أن ابن طاووس لم يعثر على هذه الفقرة عند تأليف (مصباح الزائر) وأوردها في (الإقبال) ، ثم نقل ابن عطاء وكان معاصراً لابن طاووس ومتأخراً عنه هذا الدعاء عن ابن طاووس وذلك في كتابه (الحكم) وكان يُناجي به ، لذا عُدّ من مناجاته بعد وفاة ابن عطاء)([4]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) موسوعة الإمام الحسين في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري،ج4،ص223.

[2] ) موسوعة الإمام الحسين في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري،ج4،ص223.

[3] ) تفسير البسملة،ص70.

[4] ) معرفة المعاد،ج5،ص65.

Comments (0)
Add Comment