مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (20) والأخيرة

 

مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (20) والأخيرة

نسبة التتمة للصوفية من الثناء على الصوفية

إن نسبة تتمة دعاء عرفة للصوفية من الثناء على الصوفية سواء كان بقصد أم غير قصد لأنه يرفع من قدر الصوفية الذي هو أدنى بكثير من الإتيان بمثلها ، ولم يكن هذا مجرد ادعاء وإنما تراثهم يشهد بذلك حيث خلوه من نظير التتمة ، ولو كان بوسعهم ذلك لأرينا لهم كتبا خاصة في الأدعية ، ولرأينا في تراثهم خطبا عديدة على نسقها ، والحال خلو تراثهم من ذلك كله . بل ما أنشأه بعضهم من الأدعية صار محلا للسخرية والاستهزاء كما كان إنشاء الدعاء من الشيخ حسن زاده آملي محل سخرية وطعن من قِبل الشيخ لطف الله الصافي([1]) وغيره ، وما سر ذلك إلا أن أدعية أهل البيت وسائر كلامهم عليهم السلام فوق مستوى كلام البشر ولم يكن بوسعهم منال وصاله من حيث المعنى والبيان ولذا كان إنشاء الدعاء من الشيخ زاده ظاهرا في الضعف ، ولو أنشأ ابن عطاء الله السكندري أو غيره من سائر الصوفية لم يكن أحسن حالاً منه . ومن الشيء اللافت أن ابن عطاء لم يكن له من الأدعية إلا التتمة المختلف فيها وهذا وحده مما يشكك في نسبته إليه ، ودعاؤه الآخر الذي تمت الإشارة إليه واضح في اقتباسه من الأحاديث القدسية وكأنه صاغه بالمضمون أو قل نقله بالمعنى فهو أبعد ما يكون من إنشائه.

لا دليل على وضع التتمة وإضافتها للدعاء

إن الأصل في التتمة هي كونها من أصل الدعاء لما رواه السيد ابن طاووس رحمه الله في نسخة من نسخ (إقبال الأعمال) ، أما ادعاء إدراجها في الدعاء غفلة من السيد ابن طاووس ، أو ادعاء الدس في كتاب الإقبال من  قِبل غيره ، أو القول أنها من إنشاء ابن عطاء الله السكندري  لا اعتبار بها لأنها خلاف الأصل ، ولا دليل يدل على كل ذلك  ، ولهذا يقول الشيخ مكارم الشيرازي : (لم نعثر فيها (يقصد التتمة محل الكلام) على شيء يفيد إضافتها من جماعة منحرفة)([2]).

كما أن أغلب العلماء إذا لم نقل كلهم أدرجوها ضمن الدعاء في (مناسك الحج) ولم يأخذوا بأي من الاحتمالات المذكورة لأنها من الادعاء خلاف الأصل ولا دليل يدل على أي منها فلم يعيروا أهمية للتشكيك ولسان حالهم يقول لا يوجد شيء يمكن الركون إليه خلاف الأصل ، وإن كان إدراجهم للتتمة بعنوان رجاء المطلوبية وهذا يكفي بنفي القطع بالوضع لأن ما يُقطع بوضعه لا يجوز الإتيان به وإن كان برجاء المطلوبية ، والكلام فيه تحت عنوان : (نقل العلماء تتمة دعاء عرفة في مناسك الحج).

التقليد بقصد وغيره

إن الأخذ بقول الفاضل الذي أشار إلى قوله العلامة المجلسي هو عبارة عن تقليد له ، وعند الميل لقول ذلك الفاضل  من غير اطلاع ومعرفة على تراث التصوف ومن غير معرفة لابن عطاء الله السكندري ــ الذي نُسبت له التتمة ــ وكتبه فهذا يعني أنك مقلد لذلك الفاضل من غير التفات وقصد.

ولو لم يذكر ذلك الفاضل رأيه في التتمة أو لم تطلع على قوله فيها لربما لم يخطر في ذهنك نسبتها للتصوف ؛ ولذا قد يتغير رأيك في نسبتها للصوفية عند الاطلاع على تراثهم لاسيما ما كتبه ابن عطاء الله السكندري.

بل حتى بعض العلماء قلد ما احتمله الفاضل على نقل العلامة المجلسي ، وقد يكون لهم رأي آخر عند معرفة رأي العلامة المجلسي في (مرآة العقول) ونسبة التتمة فيه للإمام الحسين عليه السلام من غير تردد وتأمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) تمت الإشارة إليه في عنوان : (أدعية الشيخ حسن زاده آملي).

[2] ) المفاتيح الجديدة،ص588.

Comments (0)
Add Comment