ما هو الدليل على عذاب القبر ؟

ما هو الدليل على عذاب القبر ؟

ج : من الآيات التي يمكن من خلالها أن يستدل على عذاب القبر : [فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ]([1]).

وقوله تعالى : [وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ]([2]).

 وروي عن الإمام السجاد عليه السلام : (والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)([3]).

وعقد الشيخ الكليني رحمه الله في الجزء الثالث من الكافي بابا تحت عنوان:(المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل) ذكر فيه أخبارا كثيرة من ضمنها:

عن الإمام الصادق عليه السلام:(لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا والآخرون يلهون عنهم).

الإمام الصادق عليه السلام : (يسأل الرجل في قبره فإذا أثبت فسح له في قبره سبعة أذرع وفتح له باب إلى الجنة وقيل له :نم نومة العروس قرير العين).

الإمام الصادق عليه السلام : (يسأل الميت في قبره عن خمس ، عن صلاته وزكاته وحجه وصيامه وولايته إيانا أهل البيت فتقول الولاية من جانب القبر للأربع : ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه).

وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن المصلوب يصيبه عذاب القبر فقال : (إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عز وجل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر).

عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أيفلت من ضغطة القبر أحد ؟ قال : فقال : نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله صلى الله عليه وآله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس:إني ذكرت هذه وما لقيت فرققت لها واستوهبتها من ضمة القبر قال : فقال : اللهم هب لي رقية من ضمة القبر فوهبها الله له قال : وإن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في جنازة سعد وقد شيعه سبعون ألف ملك فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه إلى السماء ثم قال : مثل سعد يضم ، قال : قلت : جعلت فداك إنا نحدث أنه كان يستخف بالبول ، فقال : معاذ الله إنما كان من زعارة في خلقه على أهله ، قال : فقالت أم سعد : هنيئا لك يا سعد ، قال : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله :يا أم سعد لا تحتمي على الله.

عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن المؤمن إذا اخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض : مرحبا بك وأهلا أما والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك لترين ما أصنع بك فتوسع له مد بصره ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقعدانه ويسألانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : الله ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : الإسلام ، فيقولان : ومن نبيك ؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وآله، فيقولان : ومن إمامك ؟ فيقول : فلان ، قال : فينادي مناد من السماء : صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا وما عندنا خير له ، ثم يقال له : نم نومة عروس ، نم نومة لا حلم فيها ، قال : وإن كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض : لا مرحبا بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه ، قال : ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير .

قال أبو بصير : جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة ؟

فقال : لا ، قال:فيقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقولان له : من ربك؟

فيتلجلج ويقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت ويقولان له : ما دينك ؟ فيتلجلج ، فيقولان له : لا دريت ، ويقولان له : من نبيك ؟ فيقول : قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له : لا دريت ويسأل عن إمام زمانه ، قال : فينادي مناد من السماء : كذب عبدي افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له ، فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا لو ضرب بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما.وقال أبو عبد الله عليه السلام : ويسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا والشيطان يغمه غما ، قال : ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس قال : وإنه ليسمع خفق نعالهم ((الخفق:صوت النعل)) ونقض أيديهم وهو قول الله عز وجل:[يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ].

ثم أردفه الشيخ الكليني بباب آخر:(ما ينطق به موضع القبر) ذكر فيه ما يشبهها من الأحاديث.

يقول الشيخ الصدوق المسألة في القبر حق فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره :  (اعتقادنا في المسألة في القبر أنها حق لا بد منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره وتصلية جحيم في الآخرة)([4]).

ويقول الشيخ المفيد الآثار الصحيحة أن الملائكة تتنزل على المقبورين فإن أجاب بالحق يُسلم إلى ملائكة النعيم وإلا يُسلم إلى ملائكة العذاب  : (جاءت الآثار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم عن أديانهم ، وألفاظ الأخبار بذلك متقاربة ، فمنها أن ملكين لله تعالى يقال لهما : ناكر ونكير ، ينزلان على الميت فيسألانه عن ربه ونبيه ودينه وإمامه ، فإن أجاب بالحق سلموه إلى ملائكة النعيم ، وإن ارتج([5]) عليه سلموه إلى ملائكة العذاب . وقيل في بعض الأخبار : إن اسمي الملكين اللذين ينزلان على الكافر : ناكر ونكير ، واسمي الملكين اللذين ينزلان على المؤمن : مبشر وبشير ، وقيل : إنه إنما سمي ملكا الكافر ناكرا ونكيرا ، لأنه ينكر الحق وينكر ما يأتيانه به ويكرهه ، وسمي ملكا المؤمن مبشرا وبشيرا ، لأنهما يبشرانه بالنعيم ، ويبشرانه من الله تعالى بالرضا والثواب المقيم)([6]).

وصرح السيد عبد الله شبر أن ثواب البرزخ وثوابه انعقد عليه إجماع المسلمين : (اعلم أن عذاب البرزخ وثوابه قد انعقد عليه إجماع المسلمين ، بل لعله من ضروريات الدين ومنكره كافر ، ولم ينكره إلا شرذمة قليلة ممن يدعي الإسلام ، وقد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا ولاحقا ، وكذا بقاء النفوس بعد الموت . قال المحقق الطوسي في التجريد : عذاب القبر واقع لإمكانه وتواتر السمع بوقوعه . وقال العلامة رحمه اللّه في شرحه : نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر والإجماع على خلافه ، وقال شارح المقاصد اتفق الإسلاميون على حقية سؤال منكر ونكير في القبر وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه ، ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة)([7]).

تتمة

عذاب القبر كفارة للذنوب إن لم تكفر بالبلاء في الدنيا ولم تكفر في سكرات الموت كما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) 🙁 إن المؤمن إذا قارف الذنوب وابتلى بها ابتلي بالفقر ، فإن كان في ذلك كفارة لذنوبه وإلا ابتلي بالمرض ، فإن كان في ذلك كفارة لذنوبه وإلا ابتلي بالخوف من السلطان يطلبه ، فإن كان في ذلك كفارة لذنوبه وإلا ضيق عليه عند خروج نفسه ، حتى يلقاه وما له من ذنب يدعيه عليه فيأمر به إلى الجنة ، وإن الكافر والمنافق ليهون عليهما خروج أنفسهما حتى يلقيان الله حين يلقيانه ، وما لهما عنده من حسنة يدعيانها عليه فيأمر بهما إلى النار)([8]).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) سورة محمد : 27.

[2] ) سورة الأنفال : 50.

[3] ) الخصال،ص120.

[4] ) الاعتقادات،ص58.

[5] ) رتج الرجل في منطقه بالكسر ، إذا استغلق عليه الكلام .الصحاح،ج1،ص317.

[6] ) تصحيح اعتقادات الإمامية،ص99.

[7] ) حق اليقين،ص375.

[8] ) مشكاة الأنوار،ص175.

Comments (0)
Add Comment