(60) س : لماذا الحذر الشديد من التصوف هل توجد فيه معتقدات باطلة يخشى على عقائد الناس منها ؟
ج : إن التصوف والذي يسمى بالعرفان أيضاً هو اتجاه خطير معبأ بالعديد من المعتقدات الباطلة والانحرافات الخطيرة ، ولست بصدد إحصائها أجمع لأن ذلك غير ممكن حيث الأباطيل فيه كثيرة لا يمكن تحديدها بحد وضبطها بعد ، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض الأمور الشائعة والعامة التي يتسم فيها نمط هذا الاتجاه:
1 ـ تفسير الآيات والروايات بمعاني لا دليل عليها تحت عنوان التفسير العرفاني والإشاري والباطني ، ولي عنقها لكي تنسجم مع ما يتبنونه ، وهذا بحد ذاته مسلك خطير لا تقف فظائعه عند حد من الحدود.
2 ـ إن التصوف مشحون بالأخبار الموضوعة التي لا مصدر لها في أي مصدر من مصادر المسلمين ومعبأ بالأوهام والخرافات التي فيما لو علقت في ذهن مسلم مستقيم المعتقد والعمل لكانت كافية في إخراجه من الإسلام وتركه الفرائض واستباحة المحرمات.
3 ـ إن من ديدن الذين يلجؤون إلى هذا الاتجاه يستصغرون الفقه والعلماء وينعتوهم بأوصاف لا تليق بشأنهم تنبأ عن الاستصغار والتقليل من قدرهم ، مثل نعتهم بعلماء الطهارة والنجاسة ونحو ذلك ، وليتهم علموا أن الانشغال بأحكام الطهارة والنجاسة لهو أفضل بكثير من انكبابهم على المنابع الكدرة والحياض الآسنة التي لا خير فيها للدين والدنيا.
4 ـ إن الكثير ممن يتأثر بالعرفان الصوفي يلتجأ للعزلة والانشغال بالرياضات الشاقة مما يؤثر سلبا على روحيته وقد يصاب بالكبت والكآبة وضعف العقل والوهم ونحو ذلك مما يأخذُ أثراً بالغاً في دينه ودنياه ويفرط في المهم منهما.
5 ـ إن بعض من يلجأ لهذا الطريق يتوخى منه المكاشفات ومشاهدة الغرائب ونحو ذلك ــ مع أن الأئمة عليهم السلام لم يرغبوا شيعتهم أو يحثوهم على المكاشفات ومشاهدة الغرائب ـــ وبعد مدة من المداومة على جملة من الأعمال والانتظار بشغف شديد يجد نفسه خالي الوفاض وصفر اليدين من كل ما أمله ورجاه ولهذا قد يصاب بردة فعل تجعله يعرض عن هذا الطريق والدين معا ، أو قد يلجأ لتحضير الجن أو السحر ونحو ذلك من العلوم الغريبة التي لو خاض غمار بعضها تيقن حينها أنه أردى بنفسه قي مأزق جسيم لا مفر منه ولا ندم ينفع معه.
6 ـ إن الأئمة عليهم السلام ذموا التصوف وحذروا منه وأصحاب هذا الاتجاه يتبنونه ويعملون على نشره بذرائع لا واقع لها مثل أنهم يدعون أخذ الأمور الصحيحة وذر الفاسدة والحال أنهم يؤولون النصوص لكي تنسجم معها بل تجد فيهم من يقدم ما جاء في التصوف على ما جاء في النصوص.بل هم يتبنونه كاتجاه ويعظمون رموزه ولا يخرجهم عنه الإعراض عن بعض الحيثيات والجزئيات اليسيرة فيه.
7 ـ إن الالتجاء الصحيح إلى الله تعالى والتقرب إليه يتم من خلال ما جاء به الثقلان القرآن الكريم والسنة الشريفة ولا يلتجأ إليه بطرق غير مشروعة ، كما أن الالتجاء لمثل هذه الاتجاهات مضافا إلى خطورتها تشغل المتبني لها عن الطريق الصحيح مما يعني أن هذا الاتجاه هو مانع عن السبيل القويم ، وهذا بحد ذاته سبب كافي في أن يُحذَّر منه.
وبهذا يتضح أن من يدعو الناس إلى التصوف ورموزه وكتبه ونحو ذلك هو يدعوهم إلى هذه المخاطر سواء كان بعلم أم جهل ، وسيجد في صحيفة أعماله أوزار من اتخذ هذا المسلك بسببه ، وكل موبقة اقترفها وجريرة اعتنقها.