أصحاب الاتجاه الفلسفي ومحاولة إخفاء النزاع بين السيدين

 

إن أصحاب التيار الفلسفي حاولوا التغطية على الخلاف بين السيد البروجردي والسيد الطباطبائي ، ونفي أصل الخلاف بينهما من أجل التسويق إلى أن تيارهم الفلسفي هو تيار مقبول عند العلماء ، وذلك لإضفاء جانب القبول عليه في الأوساط الشيعية حيث إن عدم التستر على الخلاف وانكشافه للعلن لا يصب في مصلحة توجههم ـــ وإن كان يوجد من اعترف منهم وأقر الخلاف كالسيد الطهراني([1]) ـــ ولكن من أفظع طرق التستر على الخلاف تصويره على شكل حلم كما جاء مقال السيد الآشتياني  في مجلة نصوص معاصرة :

أما بخصوص درس العلامة الطباطبائي في الأسفار ومخالفة آية الله العظمى البروجردي لاستمراره فلابد أن أقول : إنه لم يحرم الدرس ولم يقطع رواتب طلبة درس الأسفار، ولا أنه طلب استبدال الأسفار بالشفاء ، فأنا شخصيا كنت من عشاق درس الأسفار، ولطالما جلست تحت منبر البروجردي، ولطالما كنت آخذ بساعده كي أعينه على ارتقاء منبره ، وينقل عن علم الهدى المشهدي ـ الأخ الأكبر ـ أن البروجردي أصدر أمرا بإيقاف درس الأسفار ، وكنت قد التقيت علم الهدى في مدينة قم وتحديدا قرب محلة كذرخان ، فسألته عن أمر ذلك ، فارتبك كثيرا وقال : إني رأيت في المنام أن البروجردي ينهى عن تدريس الأسفار في مدينة قم ، ولم أنقل سوى رؤياي ، وكان العلامة الطباطبائي قد تأثر لذلك ، واحتمل صدق كلام الشخص المذكور، فبعث بأحد طلبته عند البروجردي سائلا عن التكليف الشرعي في هذا الموضوع ، فرد البروجردي بأنه إذا كان الميرزا محمد حسين يرى تكليفه في تدريس الأسفار فلا مانع من ذلك ، فقيل : إنه يطلب رأي سماحتكم في ذلك ، فقال : ليعمل بما يملي عليه واجبه الشرعي. فلم يقطع راتب أحد ولم يمنع من حضور الدرس إطلاقا . ولم يكن مناسبا آنذاك أن يمنع عالم جليل ومرجع ديني تدريس الأسفار . منذ ذلك الحين ، بدأت الرسائل من مشهد تنهال على السيد البروجردي والسيد محمود الشاهرودي طالبةً منع تدريس الفلسفة ؛ لأنها تعرض بيضة الإسلام في مدينة قم إلى الخطر ، حتى أنه يظهر أن آية الله الشاهرودي بعث برسالة في ذلك إلى البروجردي، إلا أنها ـ ولحسن الحظ ـ لم تترك أثرا يذكر، وكان لتواجدي هناك دور فعال في إجهاض هذه الأهواء ، ولا يزال العديد من طلبة الأسفار حاضرين اليوم ، ومنهم كاتب هذه الصفحات،  فلم يمنعني أحدٌ من حضور درس الأسفار، ولا أن أحدا قطع رواتبي الشهرية ، بل ولم يصر العلامة الطباطبائي على تدريس الأسفار بدلا عن الشفاء، إنما ترك تدريسه ؛ لتراجع رغبته عن ذلك ؛ نظراً لأهمية التعجيل في كتابة تفسير الميزان([2]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) انظر التيار الفلسفي في حوزة قم المقدسة عنوان : (السيد الطباطبائي وإرساء الفلسفة في حوزة قم) .

[2] ) نصوص معاصرة/العدد الثامن،ص209.

Comments (0)
Add Comment