(66) ما صحة قول عرفاء الشيعة بأنهم يأخذون من التصوف ما وافق المروي عن أهل البيت ؟

(66) ما صحة قول عرفاء الشيعة بأنهم يأخذون من التصوف ما وافق المروي عن أهل البيت ويعرضون عن المخالف لما روي في الأحاديث ؟

ج إن الصوفية سواء صوفية العامة أم الشيعة بصورة عامة يدَّعون موافقة الأحاديث والسنة والإعراض عن المخالف لها ، وإليك على سبيل المثال ما ذكره عبد الكريم الجيلي في وصف كتابه المعنون بالإنسان الكامل : (أسست الكتاب على الكشف الصريح ، وأيدت مسائله بالخبر الصحيح)([1]).

ويقول أنه ما وَضَعَ في الكتاب شيئاً إلا وهو مؤيد بكتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن ما يتصور فيه المخالفة هو بسبب فهم القارئ : (أني ما وضعت شيئا في هذا الكتاب إلا وهو مؤيد بكتاب اللّه أو سنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، أنه إذا لاح له شيء في كلامي بخلاف الكتاب والسنة ، فليعلم أن ذلك من حيث مفهومه لا من حيث مرادي الذي وضعت الكلام لأجله …واعلم أن كل علم لا يؤيده الكتاب والسنة فهو ضلالة ، لا لأجل ما لا تجد أنت له ما يؤيده ، فقد يكون العلم في نفسه مؤيدا بالكتاب والسنة ، ولكن قلة استعدادك منعتك من فهمه فلن تستطيع أن تتناوله بهمتك من محله فتظن أنه غير مؤيد بالكتاب والسنة ، فالطريق في هذا التسليم وعدم العمل به من غير إنكار إلى أن يأخذ اللّه بيدك إليه)([2]).

مع أن هذا الكتاب توجد فيه الكثير من المعتقدات الباطلة المخالفة للكتاب والسنة مثل معتقد أن عبادة غير الله هي عبادة لله والتي صرح بها في هذا الكتاب وفي مواضع متعددة من ضمنها :

 (لا إله إلا أنا) يعني الإلهية المعبودية ليست إلا أنا.فأنا الظاهر في تلك الأوثان والأفلاك والطبائع وفي كل ما يعبده أهل كل ملة ونحلة فما تلك الآلهة كلها إلا أنا ولهذا أثبت لهم لفظة الآلهة وتسميته لهم بهذه اللفظة من جهة ما هم عليه في الحقيقة تسمية حقيقية لا مجازية ولا كما يزعم أهل الظاهر أن الحق إنما أراد بذلك من حيث إنهم سموهم آلهة لا من حيث إنهم في أنفسهم لهم هذه التسمية وهذا غلط منهم وافتراء على الحق لأن هذه الأشياء كلها بل جميع ما في الوجود له من جهة ذات الله تعالى في الحقيقة هذه التسمية تسمية حقيقية لأن الحق سبحانه وتعالى عين الأشياء وتسميتها بالإلهية تسمية حقيقية لا كما يزعم المقلد من أهل الحجاب أنها تسمية مجازية ولو كان كذلك لكان الكلام أن تلك الحجارة والكواكب والطبائع والأشياء التي تعبدونها ليست بآلهة وأن لا إله إلا الله أنا فاعبدوني لكنه إنما أراد الحق أن يبين لهم أن تلك الآلهة مظاهر، وأن حكم الألوهية فيهم حقيقة وأنهم ما عبدوا في جميع ذلك إلا هو)([3]).

ويقول أيضا : (فأما الكفار فإنهم عبدوه بالذات لأنه لما كان الحق سبحانه وتعالى حقيقة الوجود بأسره والكفار من جملة الوجود هو حقيقتهم فكفروا أن يكون لهم رب لأنه تعالى حقيقتهم ولا رب له بل هو الرب المطلق فعبدوه من حيث ما تقتضيه ذواتهم التي هو عينها ثم من عبد منهم الوثن فلسر وجوده سبحانه بكماله بلا حلول ولا مزج في كل فرد من أفراد ذرات الوجود فكان تعالى حقيقة تلك الأوثان التي يعبدونها)([4]).

(عبادة الكفار له عبادة ذاتية)([5]).

إن عرفاء الصوفية لديهم معتقدات ومتبنيات اعتقدوا بها ثم من بعد ذلك غدوا يلتمسون لها شاهدا ومؤيدا في الكتاب والسنة وأن كان من خلال التأويل ، ولو كانوا صادقين فيما يدَّعون لكتفوا بما جاء في الكتاب والسنة مباشرة من غير البحث عن الموافق له فيهما.

وما أكثر الأمور لدى عرفاء الصوفية التي ادعوا فيها موافقة الكتاب والسنة من غير واقع لذلك مثل معتقد (تجسم الأعمال) الذي يعني أن الجزاء في ذات العمل ولا واقع للجزاء بعده([6]) ، و مصطلح (الإنسان الكامل) الذي جعلوا له خصائص ومزايا ما أنزل الله بها من سلطان ، وخرافة الأسفار الأربعة والفناء بالله ،  والقول بأن عبادة الأوثان وكل معبود من غير الله هي عبادة لله كما تقدمت الإشارة إليه ، وغيرها من المعتقدات المخالفة للكتاب والسنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل،ص7.

[2] ) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل،ص10.

[3] ) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل،ص103.

[4] ) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل،ص255.

[5] ) الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل،ص256.

[6] ) تفصيل ذلك في كتاب : (تجسم الأعمال ما بين الدين والفلسفة) .

Comments (0)
Add Comment