س : هل الله يختبر العباد لكي يعرف من يستحق الجنة منهم ؟
ج : إن الله يختبر العباد ليجازيهم على ما يستحقونه وليس ليعلم من يستحق منهم الثواب أو العقاب فقد روى الشيخ الصدوق في الخصال عن الإمام الصادق عليه السلام : (الابتلاء على ضربين أحدهما يستحيل على الله تعالى ذكره ، والآخر جائز ، فأما ما يستحيل فهو أن يختبره ليعلم ما تكشف الأيام عنه ، وهذا ما لا يصح له لأنه عز وجل علام الغيوب ، والضرب الآخر من الابتلاء أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق ، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به)([1]).
وروي عن الإمام الرضا عليه السلام في قوله تعالى : [لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا] : فإنه عز وجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لأنه لم يزل عليما بكل شيء([2]).
وتوجد عدة أخبار تدل على أن الله تعالى يعلم بالفعل قبل وقوعه كعلمه بعد وقوعه من ضمنها:
روي عن الإمام الباقر عليه السلام : (كان الله عز وجل ولا شيء غيره ولم يزل عالما بما يكون ، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه)([3]).
وروي عن عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الله عز وجل أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عندما كون ؟ فوقع بخطه : لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء([4]).
وروي عن جعفر بن محمد بن حمزة قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام أسأله : أن مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم : لم يزل الله عالما قبل فعل الأشياء ، وقال بعضهم : لا نقول : لم يزل الله عالما لان معنى يعلم يفعل فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه ؟ فكتب عليه السلام بخطه : لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره([5]).
وروى الشيخ الصدوق في التوحيد عن الحسين بن بشار ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون أو لا يعلم إلا ما يكون ؟ فقال : إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال الله عز وجل : [إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] وقال لأهل النار : [وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ] فقد علم الله عز وجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه ، وقال للملائكة لما قالوا : [أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ] فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ، فتبارك ربنا تعالى علوا كبيرا خلق الأشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء ، كذلك لم يزل ربنا عليما سميعا بصيرا([6]).
وفي غيبة الطوسي عن الإمام الرضا عليه السلام : (من قال : بأن الله تعالى لا يعلم بشيء إلا بعد كونه فقد كفر وخرج عن التوحيد)([7]).
والأخبار في هذا الجانب كثيرة يمكن مراجعة الجزء الأول من أصول الكافي وتوحيد الصدوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) الخصال،ص305.
[2] ) توحيد الصدوق،ص321.
[3] ) أصول الكافي،ج1،ص107.
[4] ) أصول الكافي،ج1،ص107.
[5] ) أصول الكافي،ج1،ص108.
[6] ) التوحيد،ص136.
[7] ) الغيبة،ص430