(72) س : هل كفَّر العلماء ابن عربي ؟
ج : إن تكفير العلماء لابن عربي من الأمور الشائعة والمعروفة عند العلماء منذ زمن ابن عربي إلى العصر الذي نحن فيه ، وهذه بعض كلمات العلماء الذين كفروا ابن عربي وحكموا على كتابه فصوص الحكم بالكفر والزندقة :
يقول حبيب الله الخوئي (ت:1324هـ) : (الزنديق اللعين ابن العربي محيي الدين)([1]).
يقول الشيخ المظفر : (إن ابن عربي هذا سماه بعض الفقهاء بمميت الدين أو ماحي الدين بل قيل : إن كل من يرى في ابن عربي حسن اعتقاد ويعتقد بآرائه فان الفقهاء لا بد أن يعدوه كافرا ولئن دافع عنه القاضي السيد نور الدين التستري في مجالس المؤمنين وأول كثرا من كلماته ، فإن صاحب الروضات ص 705 لم يرضه ذلك ، وقال : لو كان الأمر كذلك لما بقي على وجه الأرض كافر ولا هالك)([2]).
والسيد الخوئي ممن حكم بكفر ابن عربي : (يحكم بكفر بعض الفرق المنتسبين إلى الإسلام إذا رجعت عقائدهم إلى إنكار الألوهية والخلق ، أو النبوة أو المعاد، كالقائلين بوحدة الوجود من الصوفية الظاهر ذلك من أشعارهم ، بل من متونهم ، كما في عبارة محيي الدين بن العربي التي هي : (الحمد للَّه الذي خلق الأشياء وهو عينها) . الدال على وحدة الوجود ، فإذا لوحظت المراتب فيكون خلقا ، وإذا لغيت فهو نفس الخالق ، فالواجب والممكن عندهم موجود واحد، وإنما يختلف بالاعتبار ، فباعتبار حده هو ممكن ومع إلغاء الحد هو واجب وهو راجع في الحقيقة إلى إنكار الخالق)([3]).
السيد عبد الأعلى السبزواري (ت:1414هـ) : (مما دعا إليه بعض العرفاء كابن الفارض ومحيي الدين والحلاج ونحوهم ، وما نسب إلى بعض الشيخية على ما صرح به في شرح زيارة الجامعة ، فإن كل ذلك خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم)([4]).
ووجه سؤال للسيد محمد صادق الروحاني تغمده الله بوافر رحمته:
ما رأيكم الشريف في ابن عربي ؟
باسمهِ جلّت أسماؤه : كلماته صريحة في وحدة الموجود التي هي كفر وزندقة وإلحاد ، ففي فصوص الحكم يقول:(فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا ؛ لأن ذواتنا عين ذاته،ولا مغايرة بينهما إلّابالتعيّن والإطلاق).
وفي الفتوحات المكية يقول:(فإن اللَّه هو الوجود والموجود،وهو المعبود في كل معبود وفي كل شيء،وهو وجود كل شيء).
ويقول في الفصوص أيضاً:(فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات).
ويقول أيضا :(وهذا إشارة إلى أن لكلّ شيء،جماداً كان أو حيواناً،حياة وعلماً ونطقاً وإرادة غيرها ممّا يلزم الذات الإلهيّة ؛ لأنّها هي الظاهرة بصور الجماد والحيوان)،وكلّ هذه الكلمات صريحة في الكفر والزندقة([5]).
ووجه له سؤال آخر في ابن عربي :
ما رأي سماحتكم في الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي الحاتمي ؟
باسمهِ جلّت أسماؤه : يمكن الحكم على محيي الدين بن العربي من خلال كلماته ، وهي مشحونة بالضلالات ؛ إذ هو يصرّح باستغنائه عن معرفة إمام زمانه ، وأنّه يرى اللَّه تعالى عين بقيّة الأشياء ، ويقول بثبوت الولاية الظاهرّة والباطنيّة لمعاوية والمتوكّل ، ويجيز لنفسه أن يمتحن الأنبياء عليهم السلام في التوحيد ، ويقول : إنّه رأى في عالم الكشف وجوه الشيعة بصورة الخنازير ، ويرى مقام الصحابة أعلى من مقام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وكلّ هذه الضلالات تشهد بضلاله وانحرافه[6].
الشيخ الفياض دام ظله له كلمة ألقاها على طلبة البحث الخارج في النجف الأشرف جاء فيها:(سمعنا أن في هذه الحوزة المباركة يدرس العرفان على ضوء كتاب ابن عربي،وهذا خطر على الحوزة ولا سيما على شبابنا،فإن كتاب ابن عربي كل من قرأ من هذا الكتاب يعتقد إنه زنديق ولا إيمان له في الله تعالى وتقدس، فالعرفان هو الأحكام الإلهية ، العرفان حقيقة هو معرفة فقه آل محمد ^ هذا هو العرفان الحقيقي، ولهذا الالتزام بالعرفان الحقيقي هو معرفة الأحكام الإلهية وفقه آل محمد ^،والعمل بها هو حقيقة التقوى الذي أشار إليه الله تعالى:[إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ]([7]) وقد فُسّر في الروايات بالالتزام بالواجبات الإلهية والاجتناب عن المحرمات،هذه هي حقيقة التقوى،العرفان بمعنى كشف الحقائق ورفع الستار عن الحقائق كما هو مصطلحهم بمعنى كشف الحقائق والعلم بالغيب مجرد وهم ولا حقيقة له ولا واقع له.ومن هنا يكون هذا الدرس خطر على الحوزة ولاسيما على شبابنا،وعلينا أن نكون في يقظة وحذر من هذه الأمور)([8]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) منهاج البراعة،ج13،ص171.
[2] ) المقدمة الكاملة للأسفار،ص37.ونظير كلام صاحب الروضات ما ذكره الذهبي عن فصوص الحكم : (فإن كان لا كفر فيه ، فما في الدنيا كفر ، نسأل الله العفو والنجاة فوا غوثاه بالله) سير أعلام النبلاء،ج23،ص48.
[3] ) مجمع الرسائل/رسالة في الإرث،ج49،ص43.
[4] ) مواهب الرحمن،ج8،ص225.
[5] ) أجوبة المسائل،ج2،ص131.
[6] ) أجوبة المسائل،ج2،ص132.
[7] ) سورة الحجرات : 13 .
[8] ) كلمة بتاريخ 26 ذي الحجة 1432هـ .رابط الفديو :