(76) س : ما الذي دعا بعض العلماء أن يتأثروا في الفلسفة والتصوف؟

(76) س : ما الذي دعا بعض العلماء أن يتأثروا في الفلسفة والتصوف؟

ج : ما عليه علماء أهل البيت عليهم السلام هو الرفض والتحذير من الفلسفة والتصوف على مر العصور ، وقد نقلتُ بعض كلماتهم في : (كلمات العلماء في التصوف والعرفان) وفي (مقتطفات من آراء العلماء في الفلسفة) إلا بعض من شذ منهم لأسباب مختلفة يمكن الإشارة إلى بعضها إجمالاً :

1 ـ الظروف القاسية والكبت النفسي الذي يجعل الفرد يميل لحياة الرهبان والتصوف ، ثم يعتقد بمعتقداتهم كما ذكر الشيخ المظفر في سبب اتخاذ الملا صدر للفلسفة والتصوف : (أكبر الظن أن فيلسوفنا كان مصاباً بكبت عنيف نتيجة لحرمان قاس…ولعل ذلك الكبت قد رافقه منذ الصغر وهذا الذي حدد له اتجاهه الفلسفي وطريقته العرفانية الصوفية.وإن كان قد يعتقد هو أن تفكيره وعقله الواعي هو الذي ساقه إلى اختيار هذا السبيل)([1])

2 ـ الشبهة والتي تعني مشابهة الحق ؛ ولهذا اشتبه الأمر على جملة ممن تأثروا في هذه الفلسفات وعدوا بعض مطالبها من التوحيد الكامل والخالص ونحو ذلك ، وأن ما لديهم هو مفيد في التقرب إلى الله.

3 ــ بعض أصحاب الأئمة انحرفوا عن الأئمة عليهم السلام وصاروا يأخذون من الغلاة وغيرهم ، مع كونهم قد عاصروا الأئمة فلم يكن بالشيء الغريب في زماننا من يعرض عن حديثهم (عليهم السلام) ويأخذ من غيرهم : [أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ]([2]).

4 ـ توهم الإلمام في مختلف المجالات فتجد منهم من يبتغي الاطلاع على الفلسفة والتصوف ثم يصير إلى شارح ومدرس لما صُنف فيها ومن المدافعين عنها : [اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا]([3]).

 

5 ـ استصغار حديث أهل البيت عليهم السلام كما هو من الأمور المعروفة لدى أصحاب الفلسفة والعرفان ؛ ولذا يطلبون معارف الدين من عند غيرهم ، كما كان من أمر سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة ؛ فقد روى الكشي عن أبي مريم الأنصاري قال : قال لي أبو جعفر  : (قل لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة شرقا أو غربا لن تجدا علماً صحيحاً إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت)([4]).

والخبر يدل على أن سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة اللذين هما من البترية لم يكونا على معرفة بعلم الإمام  ولذا هم يطلبون العلم من عند غيره.

6 ـ محاولة البعض لكسب الأتباع والمريدين بعد العجز عن مجاراة العلماء ، وجعل لهم مكانة مرموقة في الأوساط العلمية ولهذا يُقال : من يفشل في الحوزة يلتجأ للفلسفة والعرفان.

7 ـ الخذلان وسوء توفيق الإنسان لربما ــــ بسبب أعمله مما يصرفه عن طريق الحق والهداية ويلجئه إلى فلسفات لا طائل منها بل قد يعتقد ببعض معتقداتها المخالفة للدين ـــ يكون هو السبب الرئيس في خذلانه وإبعاده عن حديث أهل البيت ومعارفهم الحقة ، لأن من المعاصي ما يسلب النعم ، وأي نعمة أعظم قدراً وأجل خطراً من نور أهل البيت عليهم السلام والاستنارة بنورهم وهداهم ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله : (يا عباد الله فاحذروا الانهماك في المعاصي والتهاون فإن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه بما هو أعظم منها)([5]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) المقدمة الكاملة للأسفارص45

[2] ) سورة البقرة : 61.

[3] ) سورة آل عمران : 155.

[4] ) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)،ج2،ص469.

[5] ) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورام)،ج2،ص421.

Comments (0)
Add Comment