(77) س : هل أن العرفاء يقصدون من وحدة الوجود معاني التوحيد الصحيحة ولا يقصدون.. ؟

 

(77) س : هل أن العرفاء يقصدون من وحدة الوجود معاني التوحيد الصحيحة ولا يقصدون نفي التمايز بين الخالق والمخلوق ؟

ج : إن هذه الرؤية تنطلق من التبرير والدفاع عن الصوفية ، لأن ما عليه الصوفية هو وحدة الوجود والموجود ، وأن التعدد ظاهري مجازي لا حقيقة له ، يقول الشيخ المظفر : (وحدة الوجود والموجود ، وأن التعدد الذي يبدو للعامة في الوجود والموجود إنما هو تعدد ظاهري مجازي وفي الحقيقة لا تعدد لكل منهما . وهذا هو المذهب المعروف المنسوب إلى المتصوفة)([1]).

وبطلان هذا الاعتقاد هو من الضروريات الشرعية ويوجب كفر قائله كما أشار إلى ذلك السيد الخوئي : (إن أراد من وحدة الوجود ما يقابل الأول وهو أن يقول بوحدة الوجود والموجود حقيقة وأنه ليس هناك في الحقيقة إلا موجود واحد ولكن له تطورات متكثرة واعتبارات مختلفة لأنه في الخالق خالق وفي المخلوق مخلوق كما أنه في السماء سماء وفي الأرض أرض وهكذا …فلا إشكال في أن الالتزام بذلك كفر صريح وزندقة ظاهرة لأنه إنكار للواجب والنبي صلى الله عليه وآله حيث لا امتياز للخالق عن المخلوق حينئذ إلا بالاعتبار وكذا النبي صلى الله عليه وآله وأبو جهل مثلا متحدان في الحقيقة على هذا الأساس وإنما يختلفان بحسب الاعتبار)([2]).

ولهذا صحح ابن عربي عبادة قوم النبي نوح للأصنام ويقول بأن النبي نوح عليه السلام كان راضيا عن قومه وأثنى عليهم بلسان الذم :(فعلم العلماء باللّه ما أشار إليه نوح في حق قومه من الثناء عليهم بلسان الذم)([3]).

وتصحيحه لعبادة العجل ويقول إن النبي موسى عاتب النبي هارون عليهما السلام لإنكاره على قومه عبادة العجل وعدم معرفته وجود الحق في كل شيء حيث يقول : (فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شي‌ء بل يراه عين كل شي‌ء)([4]).

ومن كلمات ابن عربي في وحدة الوجود وأن الخالق تعالى هو عين المخلوق ما ذكره في الفتوحات : (فسبحان من أظهر الأشياء وهو عينها)([5]).

وذكر ملا صدرا أن كلام ابن عربي هذا في خطبة فتوحاته المكية حيث يقول : (قال محيي الدين العربي في خطبة الفتوحات : سبحان الذي خلق الأشياء وهو عينها)([6]).

فما ذُكر من أن العرفاء يقصدون من وحدة الوجود معان صحيحة هو خلاف المعنى الشائع لمعنى وحدة الوجود عند الصوفية ، وظاهر كلاماتهم ومعتقداتهم يدل أنهم يقصدون من وحدة الوجود ولوازمها معتقدات باطلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) المقدمة الكاملة للأسفار،ص31ـ33.

[2] ) التنقيح في شرح العروة الوثقى،ج3،ص75.

[3] ) فصوص الحكم/الفص النوحي.

[4] ) فصوص الحكم/فص حكمة إمامية في كلمة هارونية.

[5] ) الفتوحات المكية،ج2،ص459.

[6] ) مجموعة رسائل،ص459.

Comments (0)
Add Comment