الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي (2)
العلماء الذين نسبوا التصوف إليه مع الثناء عليه
إن بعض العلماء أثنوا على ابن أبي جمهور الأحسائي إلا أنهم مع ذلك لم ينفوا ميله للفلسفة والتصوف وجعلوه في عداد الفلاسفة والصوفية وإليك كلمات بعضهم :
الشيخ يوسف البحراني :
في لؤلؤة البحرين قال الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق عنه : (كان فاضلاً مجتهداً متكلماً ، له كتاب (غوالي اللئالي)([1]) جمع فيه جملة من الأحاديث إلا أنه خلط الغث منه بالسمين ، وأكثر فيه من أحاديث العامة ، ولهذا إن بعض مشايخنا لم يعتمد عليه . وله كتاب شرح زاد المسافرين ، وكتاب المجلي على مذاق الصوفية ، وله شرح الباب الحادي عشر)([2]).
الحر العاملي :
قال عنه الحر العاملي صاحب كتاب الوسائل : (فاضل محدث ، له كتب)([3]).وسيأتي نقل كلامه في عدم اعتماده لكتاب العوالي وكتاب المجلي.
الميرزا عبد الله الأفندي :
قال الميرزا عبد الله الأفندي صاحب رياض العلماء فيه : (الفقيه الحكيم المتكلم المحدث الصوفي المعاصر للشيخ علي الكركي ، وكان تلميذ علي بن هلال الجزائري وصاحب كتاب : (غوالي اللئالي) وكتاب (نثر اللئالي) وكتاب المجلي في مرآة المنجى وغيرها من المؤلفات الفضال الجمة ، لكن التصوف المفرط قد أبطل حقه)([4]).
وقال في موضع آخر من رياضه : (وكتاب المجلي لمرآة المنجي ، وهذا شرح لرسالته المسماة بمسلك الإفهام ، ونقل فيه أيضاً حواشيه عليه التي كتبها أولاً، وحواشي التي كتبها عليه السيد علي بن عبد الحسين الموسوي الحلي التي سماها (المنحي من الكلام في حاشية) وتاريخ شروع تأليف المجلي على ما ذكره في أوله سنة أربع وتسعين وثمانمائة في الغري حين مراجعته من مكة المعظمة ، وتاريخ الإتمام على ما قال في آخره في أواخر شهر جمادى الآخرة آخر شهور سنة خمس وتسعين وثمانمائة في الغري . وهذا الكتاب مبسوط ، جمع فيه بين طرق الحكماء والمتكلمين والصوفية ، وفي بحث الإمامة قد بسط الكلام في غاية الجودة والتنقيح)([5]).
الشيخ عباس القمي :
يقول الشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية : (عالم عارف ، حكيم متكلم ، محقق مدقق ، فاضل محدث خبير متبحر ماهر ، صاحب كتاب العوالي اللآلي والدر اللآلي العمادية والأحاديث الفقهية ، والمجلي ، ومعين المعين ، وشرح ألفية الشهيد ، وشرح الباب الحادي عشر ، وزاد المسافرين في أصول الدين ، وشرحه المسمى بكشف البراهين ، ورسالة كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال . وله مناظرات مع المخالفين ذكر بعضها القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين ، وصاحب الروضات)([6]).
محمد علي التبريزي :
قال عنه التبريزي في ريحانة الأدب : (هو من أكابر علماء الإمامية في القرن العاشر الهجري، عالم، رباني ، باحث ، محقق، حكيم كامل ، متحدث فاضل ، عالم محدث ماهر… وقد كتب في التصوف وبعض المسائل المنسوبة إليه مع أجوبتها الموضحة في آخر مستدرك الوسائل)([7]).
السيد محمد باقر الخوانساري
يقول الخوانساري عنه : (الشيخ الفاضل المحقق والحبر الكامل المدقق خلاصة المتأخرين)([8]).
والخوانساري نقله فيه كلام النيسابوري([9]) الذي نعت فيه الأحسائي بالتصوف وأن كتابه المجلي جمع فيه ما بين الكلام والتصوف : (وقد ذكره أيضاً المحدث النيسابوري مرة بعنوان محمد بن الحسن بن علي بن حسام الدين بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي . وقال في ترجمته : متكلم فقيه صوفي له كتب منها كتاب (المجلي) جمع فيه بين الكلام والتصوف)([10]).
ونقل الخوانساري أن كتابي حديثه وهما : (عوالي الآلي) و (نثر الآلي) خارجين عن درجة الاعتماد والاعتبار على ما قاله صاحب الوسائل في أواخر وسائل الشيعة : (وقع في أواخر وسائل الشيعة من كون كتابي حديثه خارجين عن درجة الاعتماد والاعتبار([11]) مع أن صاحب الوسائل من جملة مشاهير الأخبارية ، والأخبارية لا يعتنون بشيء من التصحيحات الاجتهادية ، والتنويعات والاصطلاحية)([12]).
إن العلماء الذين اثنوا على ابن أبي جمهور لم ينفوا عنه التصوف ، وكان ثناؤهم عليه لأمور أخرى فلا يدل ثناؤهم على نفي الأثر الفلسفي والعرفاني لديه.
والملاحظ هو كيفية تلائم الثناء عليه مع ما لديه من الأثر الفلسفي والعرفان الصوفي ، إلا فيما إذا قيل في التساهل إزاء هذه الفلسفات أو لأمور أخرى .
وسيأتي إن شاء الله تعالى تحت عنوان : (نقل أخبار العامة والتصوف) التطرق إلى كلام العلامة المجلسي فيه ، مع ما ذكره السيد حبيب الله الخوئي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) الصحيح هو بالعين المهملة كما يقول الميرزا النوري : (أن المعروف الدائر في ألسنة أهل العلم ، والكتب العلمية (الغوالي) – بالغين المعجمة – ولكن حدثني بعض العلماء ، عن الفقيه النبيه ، المتبحر الماهر ، الشيخ محسن خنفر – طاب ثراه ، وكان من رجال علم الرجال – أنه بالعين المهملة ، فدعاني ذلك إلى الفحص فتفحصت ، فما رأيت من نسخ الكتاب وشرحه فهو كما قال ، وكذا في مواضع كثيرة من الإجازات التي كانت بخطوط العلماء الأعلام ، بحيث اطمأنت النفس بصحة ما قال). خاتمة مستدرك الوسائل،ج1،ص344.
[2] ) لؤلؤة البحرين،ص161.
[3] ) أمل الأمل،ج2،ص280.
[4] ) رياض العلماء،ج6،ص14.
[5] ) رياض العلماء،ج5،ص51.
[6] ) الفوائد الرضوية،ج2،ص623.
[7] ) ريحانة الأدب،ج7،ص331.
[8] ) روضات الجنات،ج7،ص26.
[9] ) يقول الخوانساري في تعريف النيسابوري المذكور : (هذا الفتال المذكور هنا هو الموصوف في كلمات صاحب الترجمة ـــ أي في كلمات ابن أبي جمهور المُترجم له ـــ لشيخي الأجل الأسنى علامة المحققين ، وخاتمة الأئمة المجتهدين ؛ جمال الملة والحق والدين ، وانه يروي عن شيخه المحقق المدقق جمال الدين حسن بن حسين بن مطر الجزائري ، عن شيخه العلامة أبى العباس بن فهد الحلي) روضات الجنات،ج7،ص32.
[10] ) روضات الجنات،ج7،ص32.
[11] ) عد صاحب الوسائل كتاب العوالي وكتاب المجلي من الكتب غير المعتمدة : (الكتب هذه كتب غير معتمدة ، لعدم العلم بثقة مؤلفيها ، وثبوت ضعف بعضهم ، ولذلك لم أنقل منها شيئاً … كتاب غوالي لابن أبي جمهور كتاب المجلي له).وسائل الشيعة،ج30،ص159.
[12] ) روضات الجنات،ج7،ص33.