س : ما هو رأي الخواجة الطوسي والعلامة الحلي في المجردات ؟
ج : الخواجة الطوسي في التجريد عند كلامه عن الجواهر المجردة قال إن المجردات لم يثبت العقل دليل على امتناعها . كما أنه بحسب ما يظهر من كلامه لا دليل على وجودها : (أما العقل فلم يثبت دليل على امتناعه)([1]).
وقال العلامة الحلي في شرح ما ذكره الخواجة : (إن جماعة من المتكلمين نفوا هذه الجواهر واحتجوا بأنه لو كان هاهنا موجود ليس بجسم ولا جسماني لكان مشاركا لواجب الوجود في هذا الوصف فيكون مشاركا له في ذاته . وهذا الكلام سخيف لأن الاشتراك في الصفات السلبية لا يقتضي الاشتراك في الذوات فإن كل بسيطين يشتركان في سلب ما عداهما عنهما مع انتفاء الشركة بينهما في الذات ، بل الاشتراك في الصفات الثبوتية لا يقتضي اشتراك الذوات لأن الأشياء المختلفة قد يلزمها لازم واحد فإذا ثبت ذلك لم يلزم من كون هذه الجواهر المجردة مشاركة للواجب تعالى في وصف التجرد وهو سلبي مشاركتها له في الحقيقة فلهذا لم يجزم المصنف رحمه الله بنفي هذه الجواهر المجردة)([2]).
والعلامة الحلي ذكر بعض أدلة الفلاسفة في إثبات المجردات وردها جميعا وأشار إلى أن من جملة أدلتهم هو قاعدة الواحد : (واستدلوا على إثبات الجواهر المجردة التي هي العقول بوجوه : الأول : قالوا : إن الله تعالى واحد فلا يكون علة للمتكثر فيكون الصادر عنه واحدا)([3]).
والعلامة الحلي لم يخالف ما ذكره الخواجة في التجريد . ولكن يظهر مما ذكره العلامة في نهاية المرام القول بوجود المجردات غير الله تعالى : (ثابت في الباري تعالى وغيره من المجردات)([4]).
إلا أن يقال بأن مراد العلامة من المجرد هو الجسم الأقل كثافة كالأرواح والملائكة والجن فعند مقارنته بالأجسام الكثيفة يكون ألطف وأقل كثافة ، ولم يقصد من المجرد غير المحدود ، المجرد عن المادة وآثارها كما هو شائع لدى الفلاسفة في معنى المجردات.
وللمزيد أكثر حول المجردات مراجعة كتاب : (الأوهام الفلسفية) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد،ص267.
[2] ) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد،ص267.
[3] ) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد،ص268.
[4] ) نهاية المرام في علم الكلام،ج 2ص٥٦٣.