في الأيام الأولى من تشرفي بالالتحاق في حوزة النجف الأشرف أي نحو خمس وعشرين عاماً من الآن كان الطلبة الذين سبقوني يقولون لي : أمامك طريق طويل مع أني كنت شديد الشغف بالقراءة ومطالعة الكتب وقلما تمر عليَّ أيام لا يوجد عند فيها كتاب أقرأ فيه وما أن ينتهي حتى أرجعه لصاحبه ثم أستعير كتابا آخر بالرغم من صعوبة الظفر بالكتاب ولو على نحو الاستعارة في زمن المقبور هدام ناهيك عما فيه من خطورة ورقابة على الكتب الدينية.وكان بعض الأصدقاء يرى ما عليه من اطلاع ويقول لي : إنك لست بحاجة إلى دخول الحوزة . وبكل تأكيد لم يكن في ذلك شيءٌ من الصواب ؛ لأني بعد الحوزة غير ما كنت قبلها وبعد اجتياز مرحلة السطوح غير ما كنت عليه في مرحلة المقدمات وما بعد البحث الخارج غير ما كنت في المرحلة التي قبله.وما بعد الكتابة والتأليف غير ما كنت عليه من قبل لأنه في هذا المجال تكون لديك عدة موضوعات لممت بها وصرت على دراية ورأي فيها على خلاف الاطلاع الهامشي اليسير الذي لا يؤهل لإبداء الرأي ولا لمعرفة صحة الآراء من سقمها.
ولهذا أقول للطلبة الجدد ما كان يقوله لي من سبقني في هذا الطريق : أمامكم طريق طويل فلا تستعجلوا النتائج لأن الاستعجال وعدم الصبر يوقعكم في أخطاء كثيرة ويجعلكم تفرطون في الدراسة وما ينبغي التحصيل فيه من الأيام.