ينبغي على العرفاء المتأثرين بابن عربي أن يضعوا ما ذكره الفيض الكاشاني في حق ابن عربي وفتوحاته المكية نصب أعينهم ؛ حيث يقول الفيض في العشر سنوات الأخيرة ما قبل وفاته بعد ما تنبه لزلل الفلاسفة والصوفية : (وهذا شيخهم الأكبر محيي الدين بن العربي وهو من أئمة صوفيتهم ورؤساء أهل معرفتهم يقول في فتوحاته : (إني لم أسأل اللّه أن يعرّفني إمام زماني ، ولو كنت سألته لعرّفني) . فاعتبروا يا أولي الأبصار ، فإنه لما استغنى عن هذه المعرفة ـــ مع سماعه حديث : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) المشهور بين العلماء كافة ـــ كيف خذله اللّه وتركه ونفسه ، فاستهوته الشياطين في أرض العلوم حيران ؛ فصار مع وفور علمه ودقة نظره وسيره في أرض الحقائق وفهمه للأسرار والدقائق لم يستقم في شيء من علوم الشرائع ، ولم يعضَّ من العلم بضرس قاطع ، وفي كلماته من مخالفات الشرع الفاضحة ومناقضات العقل الواضحة ما يضحك منه الصبيان وتستهزئ به النسوان ، كما لا يخفى على من تتبع تصانيفه ولاسيما الفتوحات ، وخصوصاً ما ذكره في أبواب أسرار العبادات. ثم مع دعاويه الطويلة العريضة في معرفة اللَّه ، ومشاهدته المعبود، وملازمته في عين الشهود ، وتطوافه بالعرش المجيد ، وفنائه في التوحيد ، تراه ذا شطح وطامات ، وصلف ورعونات ، في تخليط وتناقضات تجمع الأضداد ، وفى حيرة محيّرة تقطع الأكباد ، يأتي تارة بكلام ذي ثبات وثبوت ، وأخرى بما هو أوهن من بيت العنكبوت ، وفى كتبه وتصانيفه من سوء أدبه مع اللَّه سبحانه في الأقوال ما لا يرضى به مسلم بحال ، في جملة كلمات مزخرفة مخبطة تشوّش القلوب ، وتدهش العقول ، وتحيّر الأذهان ، وكأنه كان يرى في نفسه من الصور المجردة ما يظهر للمتخلي في العزلة فيظن أن لها حقيقة وهى له ، فكان يتلقاها بالقبول ويزعم أنها حقيقة الوصول ، ولعله ربما يختل عقله لشدة الرياضة والجوع ، فيكتب ما يأتي بقلمه مما يخطر بباله من غير رجوع)([1]).
وقد وصف حبيب الله الخوئي كلام الفيض في حق ابن عربي بأنه ليس فوقه كلام وأنه جار في حق تلامذته ومتابعيه : (ولعمري أنه كلام في شرح حال ابن العربي ليس فوقه كلام ، وهذا أيضاً حال من حذا حذوه من تلامذته ومتابعيه ، ومع هذا كله فالعجب كل العجب من ادعائهم أنهم العارفون باللَّه وأن غيرهم لمحجوبون مع أنهم الجاهلون الضالون المكذبون للأنبياء والمرسلين ، فويل لهم ثم ويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون . ولو أردت البسط من مزخرفاتهم لخرجنا عن وضع الكتاب ، وفيما أوردناه من أحاديث الأئمة الأطهار والأطياب ونقلنا من خطب أمير المؤمنين عليه السّلام الواردة في هذا الباب كفاية في تسفيه أحلامهم ، وإبطال مقالهم لأولي الألباب)([2]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) بشارة الشيعة،ص260.
[2] ) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة،ج13،ص223.