(15) س : لماذا حرَّم العلماء دراسة الفلسفة والعرفان إذا كان يخشى الدارس الانحراف

 

(15) س : لماذا حرَّم العلماء دراسة الفلسفة والعرفان إذا كان يخشى الدارس الانحراف ولم يذكروا حرمة دراسة الفقه والأصول إذا كان يخشى الانحراف؟

ج : إن الفلسفة والعرفان (التصوف) لم ينبثقا من النصوص الدينية ووضعا بصورة مستقلة عنهما ، وفي بعض الأحيان يؤول أصحاب الفلسفة والعرفان النصوص لكي تنسجم مع متبنياتهما ، والكثير من هؤلاء يؤولون النصوص ويستشهدون بها ليس استناداً للنصوص واستمداداً للشرعية منها ، وإنما لإسكات المختلفين معهم ، وإضفاء الشرعية لما ذهبوا إليه ، وإلا هم تبنوا تلك المتبنيات بمعزل عن النصوص ، ولم يكونوا بحاجة إلى النصوص ولحظها في تبنيها ؛ فما في فلسفة المشاء والإشراق (العرفان والتصوف) معتقدات ومتبنيات لم تنبثق من النصوص الدينية ، وإنما ما جاءت بها الفلسفات الدخيلة على الإسلام ، وأخذها أصحاب الاتجاه الفلسفي المشائي والإشراقي من أسلافهم .

 ولا يغرنك محاولة البعض منهم في إضفاء الشرعية عليها من خلال حرف النصوص لكي تنسجم مع تلك الفلسفات ؛ ولذا كان من شأن هذه الفلسفات معارضة الدين ومخالفته ، لأنها وضعت بمعزل عن الدين . ومن هنا كان الدارس لها في معرض الخطر والانحراف عن الدين ما لم يكن متبصراً بمتبنياتها وواقفاً على  السقيم منها.

وهذا بخلاف علم الفقه والأصول اللذين انبثقا من النصوص ، ومحاولة فهما ومعرفة العام فيها من الخاص ، والمطلق والمقيد ، والبحث في دلالات النصوص ، ووضع قواعد عامة في ذلك ، مثل البحث في البراءة والاستصحاب والاحتياط . ونحو ذلك مما روي فيها الكثير من الأخبار فأصل علم الفقه والأصول والمرتكز عليه هو النصوص ، وإن ألحق في الأصول بعض المطالب الفلسفية التي لا شأن للأصول بها ويتطلب حذفها من الأصول.

Comments (0)
Add Comment