الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي(39)
نقل أباطيل ابن عربي في قلب العارف
ينقل كلام ابن عربي في سعة قلب العارف كما يقول تحت عنوان :(كلام ابن العربي في سعة القلب) ، ويلقبه بالشيخ الأعظم ، ويقول إن قلب العارف أوسع من رحمة الله! إلى غير ذلك من أباطيل ابن عربي ، ويسوقها مصدقاً ومقراً بها : (في مثل هذا القلب شرع الشيخ الأعظم في الفص في هذا المعنى فقال : اعلم أن القلب – أعني قلب العارف بالله – هو من رحمة الله وهو أوسع منها ؛ فإنه وسع الحق – جل جلاله – ورحمته لا تَسِعُه . هذا لسان عموم من باب الإشارة العامة ؛ لأن الرحيم ليس بمرحوم فلاحكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من جهة الخصوص فإن الله تعالى وصف نفسه بالنفس وأن الأسماء الإلهية عين المسمى([1]) ، وليست إلا هو وأنها طالبة ما تقتضيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية والربوبية ما لها هذا الحكم، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم . وليست الربوبية على الحقيقة والانضياف إلا عين هذه الذات ، فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده . فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده إلى العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء ، فوسعت الحق ، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة . ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح أن القلب لا يسعه مع غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه ، ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره وفي القلب العارف من السعة، كما قال أبو يزيد البسطامي : لو أن العرش وما حواه مئة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به . وقال الجنيد : إن المحدَث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا)([2]).
وهو في المجلي ينقل كثيرا عن ابن عربي ومعتقداته ، وما ذكرته على سبيل المثال ، ويلقبه بالشيخ الأكبر ونحو ذلك مما يدل على تعظيمه وتبجيله وإذا لم ترَ في ذلك دلالة على تأثره في االتصوف فما عرفت التصوف ولا اسمه،ولا تغفل عما نقله عن البسطامي والجنيد وأقرانهما من الصوفية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) في حديث أهل البيت عليهم السلام الاسم غير المسمى وإن كان دالاً عليه . انظر عنوان : (الاسم غير المسمى).
[2] ) مجلي مرآة المنجي،ج5،ص1727.فصوص الحكم (شرح القيصري)،ص764.