للعلامة المجلسي كلام مهم في انتقاد العرفان (التصوف) وبيان بعض معتقداتهم الباطلة وطبائعهم الزائفة : (ترك أكثر الناس في زماننا آثار أهل بيت نبيهم واستبدوا بآرائهم ؛ فمنهم من سلك مسلك الحكماء الذين ضلَّوا وأضلَّوا ، ولم يقرّوا بنبي ولم يؤمنوا بكتاب، واعتمدوا على عقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة ، فاتخذوهم أئمة وقادة. فهم يؤولون النصوص الصريحة الصحيحة عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم بأنه لا يوافق ما ذهب إليه الحكماء ، مع أنهم يرون أن دلائلهم وشبههم لا تفيد ظناً ولا وهماً . بل ليس أفكارهم إلا كنسج العنكبوت، وأيضاً يرون تخالف أهوائهم وتباين آرائهم ، فمنهم مشّاؤون، ومنهم إشراقيون، قلَّ ما يوافق رأي إحدى الطائفتين رأي الأخرى ، ومعاذ الله أن يتّكل الناس إلى عقولهم في أصول العقائد، فيتحيّرون في مراتع الجهالات. ولعمري إنهم كيف يجترئون أن يؤولوا النصوص الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لحسن ظنهم بيوناني كافر لا يعتقد ديناً ولا مذهباً.وطائفة من أهل دهرنا اتخذوا البدع ديناً يعبدون الله به وسموه بـ (لتصوف) فاتخذوا الرهبانية عبادة مع أن نبينا صلى الله عليه وآله قد نهى عنها . وأمر بالتزويج ، ومعاشرة الخلق ، والحضور في الجماعة ، والاجتماع مع المؤمنين في مجالسهم ، وهداية بعضهم بعضاً ، وتعلّم أحكام الله تعالى وتعليمها ، وعيادة المرضى ، وتشييع الجنائز ، وزيارة المؤمنين ، والسعي في حوائجهم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله ، ونشر أحكام الله . والرهبانية التي ابتدعوها تستلزم ترك جميع تلك الفرائض والسنن . تم إنهم في تلك الرهبانية أحدثوا عبادات مخترعة : فمنها : الذكر الخفي الذي هو عمل خاص على هيئة خاصة لم يرد به نص ولا خبر ، ولم يوجد في كتاب ولا أثر . ومثل هذه بدعة محرمة بلا شك ولا ريب ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار . ومنها : الذكر الجلي الذي يتغنون فيه بالأشعار ويشهقون شهيق الحمار ، ويعبدون الله بالمكاء والتصدية.ويزعمون أن ليس لله تبارك وتعالى عبادة سوى هذين الذكرين المبتدعين . ويتركون جميع السنن والنوافل ، ويقنعون من الصلاة بنقر كنقر الغراب . ولولا خوف العلماء لكانوا يتركونها رأساً . ثم إنهم لعنهم الله لا يقنعون بتلك البدع بل يحرّفون أصول الدين ويقولون بوحدة الوجود ، والمعنى المشهور في هذا الزمان المسموع من مشائخهم كفر بالله العظيم . ويقولون بالجبر ، وسقوط العبادات ، وغيرها من الأصول الفاسدة السخيفة . فاحذروا يا إخواني واحفظوا إيمانكم وأديانكم من وساوس هؤلاء الشياطين وتسويلاتهم وإياكم أن تخدعوا من أطوارهم المتصنعة التي تعلّقت بقلوب الجاهلين). العقائد،ص24.