كان السيد حيدر الآملي شديد التأثر في ابن عربي ومصنفاته مثل الفتوحات والفصوص . بل هو متأثر حتى في مكاشفاته التي أخذها على نحو المسلمات . وعندما تطالع ثناءه على ابن عربي ومصنفاته تحسبه فاق حد الغلو ، وغلب سكر التصوف على دينه وعقله ؛ فمن تصديقه في مكاشفاته وثنائه على الفتوحات المكية يقول : (إن مكة كما صارت موجب الفتح للفتوحات المكية على قلب الشيخ الأعظم بليلة واحدة والمدينة سبب الفتوحات المدنية كذلك وعلى قلوب أمثاله من عباد اللّه تعالى كثيرا ، صار المشهد المقدس الغروي الذي هو مشهد مولانا وسيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب موجب الفتح للفتوحات الغيبية على قلبي إجمالاً ثم تفصيلاً منها : (تأويل القرآن الكريم) وغيره من الكتب كما سبق بيانها في الفهرست ومنها (حقائق فصوص الحكم ومعانيه ومعارفه) هذه على ما ينبغي من غير عمل سابق ولا سبب لاحق بل لمجرد التوجه إلى جنابه والاستدعاء من حضرة جلت قدرته وعظمت منته)([1]).
ومن ضمن تصديقه بمكاشفات ابن عربي وثنائه على فصوصه : (كان للنبي صلى الله عليه وآله كتابان : النازل عليه والصادر منه . أما الكتاب النازل فالقرآن وأما الكتاب الصادر فالفصوص وبينا أنهما عديما المثال والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما وأما الشيخ الأعظم فقد بينا أيضاً أن له كتابين : الواصل إليه والصادر منه . أما الكتاب الواصل إليه ، فالفصوص وأما الكتاب الصادر منه فالفتوحات . وبينا أنهما عديما المثال والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما . وأما الذي لنا فذلك أيضاً كتابان : الفائض علينا والصادر منا أما الكتاب الفائض علينا فهو التأويلات للقرآن الكريم المشتمل على العلوم والمعارف الإلهية القرآنية من أنفسها وأشرفها المحتوي على الرموز والكنايات المصطفوية والدقائق والحقائق المحمدية الصادق عليها ما قال الحق في حق بعض عبيده الخاصين : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومن ثم صار هذا الكتاب موسوما بالمحيط الأعظم والطود الأشم في تأويل كتاب اللّه العزيز المحكم . وصار مرتباً على مجلدات سبعة كبار تبركاً بسبعة من الأنبياء الكبار وبسبعة من الأقطاب وبسبعة من الأبدال بحيث تكون مقدماته مع الفاتحة مجلداً واحداً وكل سدس منه أي من القرآن الكريم مجلد آخر وهذا كالفصوص بالنسبة إلى الشيخ الأعظم وكالقرآن بالنسبة إلى النبي وترتيبه أنه مرتب على تسعة عشر من المقدمات والدوائر لأن المقدمات سبعة والدوائر اثنا عشر تطبيقاً أي مطابقة بالعالم الصوري والمعنوي والكتاب (29 ألف) الأنفسي والكتاب القرآني فإن كل واحد واحد من هذه العوالم والكتب منحصر في تسعة عشر مرتبة لقوله تعالى:[عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ]([2]) وتحقيق هذه الأمور كلها يعرف من الاطلاع عليه يعني على هذا الكتاب وعلى ما في ضمنه . وأما الكتاب الصادر منا فهذا الشرح وإن لم يخل من الفيض فإنه أيضاً جامع لعلوم كثيرة ومعارف جمة . وهو مرتب كما بيناه على سبعة وعشرين دائرة مجدولة وعلى أبواب وفصول متنوعة وأنواع وأقسام متعددة وهو بإزاء الفصوص بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وبإزاء الفتوحات بالنسبة إلى الشيخ الأعظم ولذلك وقعا عديمي المثل والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما ككتابيهما وكما صار أساس فضيلة نبينا صلى الله عليه وآله مبنياً على الكتابين المذكورين صار أساس فضيلة الشيخ الأعظم مبنياً على الكتابين المذكورين صار أساس فضيلتنا مبنياً على الكتابين المذكورين)([3]).
إن الوهم والخرافات بلغت منتهاها في هذه الأسطر المعدودة مما تجعل العاقل متعجباً متحيراً من أمر كاتبها ، ولكن الواقع يحتم علينا أن لا نعجب من الصوفية وأفعالهم الفظيعة وأقوالهم الغريبة وإن كانوا ينتمون لدائرة أتباع أهل البيت عليهم السلام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) نص النصوص،ص646.
[2] ) سورة المدثر :30 .
[3] ) نص النصوص،ص148.