جواهر الخطابة (18)
طرح الشبهات على المنبر
إن بعض الشبهات على الدين والمذهب بصورة خاصة غير منتشرة ولا يعرفها إلا القلة القليلة ؛ فليس من الصحيح طرحها على المنبر لعدم انتشارها ، كما أن طرحها يساهم في نشرها ويكون حينها من السعي لنقض الغرض ونشر الشبهات بدلا من محاولة دحضها ، خصوصاً وأن من الحاضرين من يفهم الشبهة ولا يفهم جوابها ، أو يفهم الجواب ولا يراه مناسباً لنقضها فتضل عالقة في ذهنه ، ولربما يتبناها فيما بعد وتسبب له انحرافاتٍ خطيرة ، نظير ما هو حاصل لكثير من أصحاب الانحراف والبدع حيث فهموا الشبهات واعتقدوا بها من غير فهم النقض عليها .
وإذا اقتضت الضرورة التصدي للشبهة ونقضها يقتضي من غير بيانها كما لو تطرق لإثبات عقيدة معينة وساق الأدلة على أحقيتها من غير الإشارة لأصل الشبهة عليها وبيانها.
وعلى هذا يتطلب الحذر الشديد عند نقل الشبهات سواء كانت خطيرة أم حقيرة فقد تكون في نظرك لا قيمة لها ولكن تجد من يتأثر ويتمسك بها ، لأن الشبهة تشبه الحق كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام : (وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق).نهج البلاغة،ج1،ص89.
ومما يؤسف له أن نرى من يتطرق للشبهات أثناء حديثه ويردها برد عابر أو لا يردها أصلا ويتعامل معها مثل أي بحث يطرقه أو قول ينقله . ومن أسباب ذلك هو عدم الحرص على الدين والتهاون بعقائد المؤمنين.