خرافات فلسفية (8)
خرافة الفلسفة من العلوم الآلية
من الخرافات الفلسفية عد الفلسفة من العلوم الآلية لفهم النصوص الدينية ومعرفة مرادها فكما أن اللغة العربية لها صلة وثيقة في فهم القرآن الكريم والحديث الشريف الفلسفة أيضا وسيلة لبيانهما ومقدمة لاتضاحهما هكذا زعموا!
إن الفلسفة ليست كلغة العرب جاء بها القرآن الكريم والحديث الشريف لكي تتخذ لفهم النصوص الدينية ، ولم تستعمل النصوص المطالب الفلسفية وما جاءت بها من مصطلحات كي نجعل الفلسفة باباً من أبواب فهم النصوص ، وإنما هي عبارة عن متبنيات فلاسفة اليونان وغيرهم من الفلاسفة ؛ فلا دخالة لها بالنصوص الدينية ولا العقل ــ كما تم بيان ذلك في عنوان الفلسفة ليست أمورا عقلية ــ ولو كانت الفلسفة طريقا للوصول إلى معاني النصوص وفهم مرادها لحث عليها الأئمة عليهم السلام وأمروا أصحابهم بتعلمها إذ لا يعقل أن تكون الفلسفة بهذه المنزلة وعظيم الخطر في الوقوف على معاني النصوص ثم يتجاهلها الأئمة عليهم السلام . ولو توقف فهم النصوص على الفلسفة لكان علينا الجزم بأن أصحاب الأئمة لم يفهموا الأحاديث ، أو على أقل تقدير لم يفهموا الكثير منها حيث لم يكن أصحاب الأئمة من الفلاسفة ولم يتداولوا الفلسفة فيما بينهم ، وكان علينا التسليم بأن الأئمة عليهم السلام لم يبينوا مرادهم وأنهم عليهم السلام يتكلمون مع من لا شأن له بالفهم ومعرفة المراد. ثم إن الفلسفة تخالف الدين أحيانا ولذا كان يلجأ الفلاسفة إلى تأويل النصوص الدينية ولي عنقها كي تنسجم مع متبنياتهم فدعوى عد الفلسفة من العلوم الآلية مجرد زعم لا قيمة له.
ومن أسباب توهم أن الفلسفة من العلوم هو لي عنق النصوص وتأويلها لكي تنسجم مع المطالب الفلسفية وتحميل النصوص مطالبها وهي أبعد ما تكون عن النصوص.ومن عجائب العصور ومصائب الدهور جعل كلام الفلاسفة شارحا للنصوص الدينية!
ويمكن الإجابة على زعم عد الفلسفة من العلوم الآلية بطريقة أخرى : إما أن تكون الفلسفة مدركات عقلية مودعة في فطرة الإنسان وإما أن تكون آراء وأفكار كغيرها من الآراء والأفكار . وعلى الأول لا قيمة مستقلة للفلسفة وعلى الثاني لا يمكن أن تكون الآراء والأفكار من العلوم الآلية حيث تراث اليونان وغيره من الفلسفات وضع بشكل مستقل لا شأن له بالنصوص الدينية لكي يتخذ وسيلة لمعرفتها.