خرافات فلسفية (29) خرافة عدم نهي الأئمة عليهم السلام عن الفلسفة!وأحاديث في ذمها

 

خرافات فلسفية (29)
خرافة عدم نهي الأئمة عليهم السلام عن الفلسفة ! وأحاديث في ذمها
قد يُقال إذا كانت الفلسفة سيئة وتترتب عليها المحاذير الشرعية لماذا لم يردع الأئمة عنها ؟!
ويمكن الإجابة عن ذلك بثلاثة أجوبة كل واحد منها كافٍ في المقام :
الجواب الأول :
توجد عدة أحاديث عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم في ذم الفلسفة فيكون أصل الاعتراض غير صحيح ، ولا نسلم بعدم وجود الأحاديث في ذمها .
وقد كان من ضمن تلك الأحاديث ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب اليهودي المعترض عليه بأنه لا يعلم الفلسفة : أليست الفلسفة من اعتدلت طباعه ، ومن اعتدلت طباعه صفي مزاجه ، ومن صفي مزاجه قوى أثر النفس فيه ، ومن قوى أثر النفس فيه سما إلى ما يرتقيه ، ومن سما إلى ما يرتقيه فقد تخلق بالأخلاق النفسانية ، ومن تخلق بالأخلاق النفسانية فقد صار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان([1]).
ورواه الشيخ علي بن يونس العاملي (ت:887هـ) باختلاف يسير أن الدهقان قال لأمير المؤمنين عليه السلام : ما رأيت أعلم منك إلا أنك ما أدركت علم الفلسفة ، فقال عليه السلام : من صفي مزاجه اعتدلت طبايعه ، ومن اعتدلت طبايعه قوي أثر النفس فيه ومن قوي أثر النفس فيه سما إلى ما يرتقيه ، ومن سما إلى ما يرتقيه تخلق بالأخلاق النفسانية وأدرك العلوم اللاهوتية ، ومن أدرك العلوم اللاهوتية صار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان([2]).
وقد يُقال أن ما روي عن أمير المؤمنين ع لا يدل على ذم الفلسفة وجواب ذلك : إن الفلسفة يُعنى بها الحكمة والعلم ونحوها من المعاني ، والفلاسفة يرونها في ما لديهم من اصطلاحات ومفاهيم . ولكن أمير المؤمنين ع يرى العلم والحكمة في شيء آخر غير ما هو مصطلح عليه عند الفلاسفة ، فقوله ع:(أليست الفلسفة من اعتدلت طباعه..) أي ليست الفلسفة المتداولة عند الفلاسفة وإنما حقيقة الحكمة والعلم . نظير الخلاف الحاصل ما بين الأديان والمذاهب حيث كل يرى الحق إلى جانبه فمن كان موافقا له كان صاحبه دون الآخر المدعي لأن الحق واحد لا يتعدد بعدد الأطراف المتنازعة.
وهذا يمثل طعنا للفلسفة من جهة ، ومن جهة أخرى كان الذم غير صريح وإنما من خلال التلميح والتعريض ، ونفس إعراض الأمير ع عن الفلسفة جهة ثالثة في الطعن والقدح.
ومع هذا يمكن أن يُقال الرواية مرسلة ، والبادي عليها لا تشبه مفرداتها ما جاء في كلمات الأئمة عليهم السلام . وقد يلاحظ عليه أن الإمام ع جاء بهذه المفردات لكونها شائعة عندهم ليبين لهم أنه ع على إحاطة بها ، وفي نفس الوقت يكلمهم بنفس المفردات والدلالات لديهم ، إلا أنه مضافا لكل ذلك أقل ما يقال فيها أنه لا يمكن الجزم بصحتها([3]).
وروي في توحيد المفضل([4])عن الإمام الصادق عليه السلام : (فتبا وخيبة وتعسا لمنتحلي الفلسفة كيف عميت قلوبهم عن هذه…ولقد قال قوم من جهلة المتكلمين وضعفة المتفلسفين بقلة التمييز وقصور العلم : لو كان بطن الإنسان كهيئة القباء يفتحه الطبيب إذا شاء فيعاين ما فيه ، ويدخل يده فيعالج ما أراد علاجه ألم يكن أصلح من أن يكون مصمتا محجوبا عن البصر واليد ، لا يعرف ما فيه إلا بدلالات غامضة ، كمطل النظر إلى البول ، وجس العرق ، وما أشبه ذلك مما يكثر فيه الغلط والشبهة ، حتى ربما كان ذلك سببا للموت ، فلو علم هؤلاء الجهلة أن هذا لو هكذا ، كان أول ما فيه إن كان يسقط عن الإنسان الوجل من الأمراض والموت…واعلم يا مفضل أن اسم هذا العالم بلسان اليونانية الجاري المعروف عندهم (قوسموس) وتفسيره الزينة ، وكذلك سمته الفلاسفة ومن ادعى الحكمة ، أفكانوا يسمونه بهذا الاسم إلا لما رأوا فيه التقدير والنظام فلم يرضوا أن يسموه تقديرا ونظاما سموه زينة ، ليخبروا أنه مع ما هو عليه من الصواب والإتقان ، على غاية الحسن والبهاء . أعجب يا مفضل من قوم لا يقضون على صناعة الطب بالخطأ ، وهم يرون الطبيب يخطئ ، ويقضون على العالم بالإهمال ، ولا يرون شيئا منه مهملا ، بل أعجب من أخلاق من ادعى الحكمة ، حتى جهلوا مواضعها في الخلق ، فأرسلوا ألسنتهم بالذم للخالق جل وعلا . بل العجب من المخذول (ماني)([5])حين ادعى علم الأسرار وعمي عن دلائل الحكمة في الخلق حتى نسبه إلى الخطأ ونسب خالقه إلى الجهل تبارك الحكيم الكريم . وأعجب منهم جميعا (المعطلة) الذين راموا أن يدركوا بالحس ما لا يدرك بالعقل ، فلما أعوزهم ذلك ، خرجوا إلى الجحود والتكذيب…فمن ذلك هذه الشمس التي تراها تطلع على العالم ولا يوقف على حقيقة أمرها ولذلك كثرت الأقاويل فيها ، واختلفت الفلاسفة المذكورون في وصفها ، فقال بعضهم هو فلك أجوف مملوء نارا له فم يجيش بهذا الوهج والشعاع . وقال آخرون هو سحابة وقال آخرون جسم زجاجي ، يقل نارية في العالم ، ويرسل عليه شعاعها . وقال آخرون هو صفو لطيف ينعقد ماء البحر . وقال آخرون هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار . وقال آخرون هو من جوهر خامس سوى الجواهر الأربعة : ثم اختلفوا في شكلها فقال بعضهم هي بمنزلة صفيحة عريضة . وقال آخرون هي كالكرة المدحرجة وكذلك اختلفوا في مقدارها فزعم بعضهم أنها مثل الأرض سواء . وقال آخرون بل هي أقل من ذلك . وقال آخرون بل هي أعظم من الجزيرة العظيمة. وقال أصحاب الهندسة هي أضعاف الأرض مائة وسبعين مرة . ففي اختلاف هذه الأقاويل منهم في الشمس ، دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها ، فإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر ، ويدركها الحس ، قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها ، فكيف ما لطف عن الحس واستتر عن الوهم ؟ . فإن قالوا : ولم استتر ؟ قيل لهم : لم يستتر بحيلة يخلص إليها ، كمن يحتجب من الناس بالأبواب والستور . وإنما معنى قولنا استتر إنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام ، كما لطفت النفس . وهي خلق من خلقه . وارتفعت عن إدراكها بالنظر فإن قالوا ولم لطف تعالى عن ذلك علوا كبيرا ؟ كان ذلك خطأ من القول ، لأنه لا يليق بالذي هو خالق كل شيء إلا أن يكون مباينا لكل شيء ، متعاليا عن شيء سبحانه وتعالى([6]).
وقد يُقال : أن رواية المفضل بن عمر الجعفي بصدد ذم منتحلي الفلسفة ادعاءً وكذبا ولا تذم الفلسفة ولا الفلاسفة.
ولكن لو خلينا نحن و عبارة : (لمنتحلي الفلسفة) وغضضنا الطرف عن القرائن الأخرى المنساقة في الانتقاص من الفلاسفة والفلسفة معا يمكن أن ينتفي الاحتمال والاعتراض المزبور .
وبعبارة أخرى لو نظرنا لرواية المفضل بمجموعها لرأينا الرواية منساقة بموارد ومواضع متعددة تستصغر الفلاسفة وتنال منهم ومما يحملون فلا مجال حينها لتوهم القدح في خصوص المدعين.
ومن جهة أخرى لو كان الذم لمدعي الفلسفة كذبا دون أصحابها لما كان التحامل على الفلسفة والفلاسفة بهذا السياق غير المكترث بهما ولا المنوه لفضلهما.
ثم إذا كان المقصود المدعين دون غيرهم كما قال المعترضون لخرج الكلام عن الإنصاف والموضوعية إلى جانب عدم الاعتدال وبخس هؤلاء حقهم وهذا مما لا يمكن صدوره من الإمام الصادق ع وهو يتكلم بهذه الدقة والإتقان العجيب الذي يقصر علماء المعرفة عن محاذاة مراه ونيل مناله.
ومضافا لذلك أن نعت الإمام الصادق ع للفلاسفة بالتعاسة والخيبة لِما يحملون من فلسفة كانت مترجمة عند المسلمين ومن ثم وصلت إلينا عِبر الفلاسفة جيلا بعد جيل.
ومن الأحاديث التي رويت في ذم الفلسفة ما نقله الميرزا النوري عن العلامة الأردبيلي في حديقة الشيعة : نقلا عن السيد المرتضى ابن الداعي الحسيني الرازي ، بإسناده عن الشيخ المفيد ، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الإمام الحسن العسكري ع أنه قال لأبي هاشم الجعفري : (يا أبا هاشم سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة، وقلوبهم مظلمة متكدرة ، السنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سنة ، المؤمن بينهم محقر ، والفاسق بينهم موقر ، أمراؤهم جاهلون جائرون ، وعلماؤهم في أبواب الظلمة ، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء ، وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء ، وكل جاهل عندهم خبير ، وكل محيل([7])عندهم فقير ، لا يميزون بين المخلص والمرتاب ، لا يعرفون الضأن من الذئاب ، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض ، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف)([8]).
وقد حاول منتهجو المسلك الفلسفي الانتصار لها من خلال جعل الأحاديث الذامة للفلسفة كالأحاديث الذامة للكلام في حين إن الأحاديث الناهي عن الكلام والذامة له في خصوص التكلم بذات الله عز وجل كما روي عن الإمام الصادق ع : (إياكم والكلام في الله ، تكلموا في عظمته ولا تكلموا فيه فإن الكلام في الله لا يزداد إلا تيها)([9]).
وعقد الشيخ الصدوق أحد أبواب كتاب التوحيد تحت عنوان : (النهي عن الكلام والجدال والمراء في الله عز وجل) .
أو أن النهي عن الكلام جاء في حق من كان مخالفا لأهل البيت ع كما روي في خبر عن يونس بن يعقوب عن الإمام الصادق ع قال : جعلت فداك إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام يقولون ، هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله ، فقال أبو عبد الله ع : إنما قلت : (فويل لهم أن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون)([10]).
أو في خصوص من لا يحسن الكلام كما قال الإمام الصادق ع ليونس بن يعقوب : (يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته)([11]).
إلى غير ذلك من المخالفات الشرعية واللوازم الفاسدة . وقد لخص الحر العاملي بعض المحاذير التي بينتها الأحاديث في عنوان واحد : (باب عدم جواز الكلام في ذات الله والتفكر في ذلك ، والخصومة في الدين والكلام بغير كلام الأئمة ع)([12]).
ولا يخفى أن بعض الأحاديث جاءت مطلقة بذم الكلام إلا أنها تُقيد في خصوص الكلام بالذات الإلهية ، أو غيرها من المحاذير المذكورة في الأحاديث فتأمل ولا يشتبه عليك الأمر.
بل توجد لدينا أحاديث تأمر بالكلام كما روي أن الإمام الصادق ع قال لهشام بن الحكم : (مثلك فليكلم الناس)([13]).
وأيضا قال ع لعبد الرحمن بن الحجاج : (يا عبد الرحمن كلم أهل المدينة فاني أحب أن يرى في رجال الشيعة مثلك)([14]).
الجواب الثاني :
إن الفلسفة بالرغم من ترجمة بعض كتبها كان في زمن بني أمية إلا أنها لم تكن منتشرة ولذا لم تكن محل اهتمام المسلمين ورد الأئمة عالمتقدمين عليها،وإنما انتشرت في زمن الدولة العباسية بعد ما تبنت السلطة العباسية ترجمتها والترويج لها .
ولم يردع عنها الأئمة اللاحقون ع لأنها تمثل المواجهة مع السلطة إذ يكفي فيمن نقض الفلسفة الوشاية به إلى الحاكم كما كان من أمر هشام بن الحكم فقد روي عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : كان يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام بن الحكم شيئا من طعنه على الفلاسفة ، وأحب أن يغري به هارون ويضريه على القتل([15]).
وهذا يعني أن اتخاذ منهج الطعن على الفلسفة يمثل مجابهة السلطة العباسية ومن هنا يكون من المتوقع جدا أن الأئمة اللاحقون ع تجنبوا الطعن فيها تقيةً أو أن الأحاديث التي صدرت منهم لخواصهم أخفاها الرواة تقيةً .
وما صدر عن هشام بن الحكم من تأليف كتاب رد فيه على ارسطاليس في التوحيد([16]). ونقدا للفلسفة كان من المجازفة والمخاطرة التي لا يتحمل ما ينجم عنها إلا صاحبها ونظير ذلك ما ألفه الفضل بن شاذان حيث عد النجاشي من مصنفاته : (كتاب الرد على الفلاسفة)([17]).
ولربما ما ألفه هشام بن الحكم والفضل بن شاذان وغيرهما من أصحاب الأئمة ع في النقض على الفلسفة هو عبارة عن نقض لبعض آرائها مما لا يمثل الرد المؤدي للمواجهة مع السلطة.
الجواب الثالث :
وهو جواب نقضي إذ إن المستشكلين يقولون لو كانت الفلسفة سيئة لصدرت فيها الأحاديث الناهية والمحذرة من الأئمة ع . ومما ينقض به عليهم قلب مؤدى الإشكال : لو كانت الفلسفة مهمة وضرورية كما تصورنها لورد فيها من الأحاديث المؤيدة لها والحاثة على تعليمها وتعلمها مما يعني نفس غض الطرف عنها من قِبل الأئمة ع هو كاشف عن سوئها ؛ إذ لو كانت نافعة خصوصا في أمر الدين لم يتجاهلها الأئمة ع ناهيك عن الأحاديث الطاعنة فيها.
وإذا ما لاحظنا أصحاب الأئمة وتلامذة أصحابهم في الرد على الفلسفة من خلال مصنفاتهم ، وعدم الميل لها والتصنيف فيها ينكشف لنا جليا ما كان عليه الأئمة ع من موقف رافض للفلسفة وخط الفلاسفة فإياك أن تنحدر ضمن هذا الخط؟
واعجبا أن يتبنى المنتمين لأهل البيت ع ما أعرض عنه أئمتهم ويكون لديهم محل افتخار وتعال على حديثهم ونورهم صلوات الله عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مستدرك سفينة البحار،ج8،ص311عن كتاب السلسبيل،ص261.
[2] ) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم،ص224.
[3] ) الروايات الضعيفة سواء كان الضعف للإرسال أو عدم الوثوق برواة السند لا يمكن القطع بعدم صدورها ؛ لأن البحث في الأسانيد وتصحيح بعضها وركون بعضها ثم عدم العمل به هذا في مقام الظاهر وكما يعبرون مقام الإثبات ، ولم يكن ناظرا للواقع وعالم الثبوت.نعم إذا كان الخبر الضعيف مخالفا لما هو ضروري من الضروريات الدينية أو المذهبية يُقطع بعدم صدوره أو غير مراد العمل به كما لو صدر في حال تقية.
ولكن ماذا عن الخبر الضعيف الذي لا يُقطع بعدم صدوره إلا أنه توجد عليه قرائن للوضع كما لو كان مشابها لمفردات الفلاسفة والصوفية وعلى نسق مذاقهم ، أو كانت الركة وضعف التعبير بادٍ عليه؟
والجواب عن ذلك : ما زال لم يخالف القطعيات الضرورية لا يمكن القطع بعدم صدوره ؛ وذلك لأن الخبر إذا كان مرويا عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم لا يمنع أن يكون متداولا في أوساطهم ، وإذا كان على مذاقهم لا يبعد أن يكون ذلك المذاق أو بعض المفردات فيه تلقوها من الأئمة ع ، مما أعني أن الأئمة سبقوهم في ذلك ، ومع هذا لا يمكن القطع بصدوره ؛ لأن الفرقة الصوفية فرقة معروفة بالوضع ونسبة للأئمة ما لم يكن لهم تصحيحا لطريقتهم ومعتقداتهم مثل وحدة الوجود التي دللت عليها كلماتهم مثل قول الحلاج : (أنا الحق) . عوارف المعارف،ص91 . وقول أبي يزيد البسطامي : (سبحاني) . عوارف المعارف،ص91 . إلى غيرها من الكلمات التي شاعت عنهم .
ولا يبعد أن يكون الإمام جاء بهذه المفردات لكونها شائعة عندهم ليبين لهم أنه ع على إحاطة بها ، وفي نفس الوقت يكلمهم بنفس المفردات والدلالات لديهم كما تم التنويه لذلك.أو أن الإمام جاء بالمفردات التي لم تكن شائعة في أخبارهم ع لأنها وردت في كلام السائل أو المعترض للإجابة عليها خصوصا في الروايات التي ورد فيها قال فلان (الصوفي أو الفيلسوف) وقال الإمام .
وأما بالنسبة لضعف التعبير فيلاحظ عليه أن ثلة من الأخبار لم يحفظ الرواة مفرداتها أجمع ولذا نقلوا لنا معانيها بتعابيرهم.
ولا يخفى كما أن الأخبار الضعيفة توجد على بعضها قرائن للوضع في قبالها أخبار توجد عليها قرائن للصحة وكلما تأكدت هذه القرائن أكثر سواء كانت في جانب الصحة أو الوضع كلما ازدادت نسبة احتمال الصدور في تلك الجهة والوضع في هذه.
وملخص ذلك في نقطتين :
الأولى : تنقسم الروايات الضعيفة إلى :
1 ــ يقطع بعدم صدورها لمخالفتها الضروريات.
2 ــ لا يقطع بصدورها وعدمه ولا توجد عليها قرائن الوضع.
3 ــ لا يقطع بالصدور وعدمه إلا أنه توجد عليها قرائن الوضع وإن كانت بعض القرائن والأخبار يمكن الاختلاف فيها ، كما في قرينة المذاق الصوفي فيوجد من يراها على مذاقهم ويوجد من لا يراها عند أحاديث معينة.
النقطة الأخرى :
إن الكلام في هذه الأقسام تارة على مستوى الظاهر وتارة أخرى على مستوى الواقع ؛ فلا يصح الخلط بين الأمرين ، وإذا كانت توجد قرائن على الوضع لا يعني القفز إلى عالم الواقع ومن ثم يُقال بالقطع بعدم الصدور إذ القرائن أقصى ما تفيد النفي الظاهري ، إلا إذا تأكدت كثيرا في حالات مخصوصة يمكن حينها الجزم بعدم الصدور إلا أن وقوع مثل هذا على نحو القلة.
[4] ) كتاب (التوحيد) ورسالة (الإهليلجة) المرويان عن المفضل بن عمر الجعفي لهما قيمة معرفية عظيمة في مجال إثبات وجود الخالق وأسرار الخلقة . ومضمونهما من المضامين العالية كما ذكر العلامة المجلسي : (لا يضر إرسالهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضل وقد شهد بذلك السيد ابن طاووس وغيره ولا ضعف محمد بن سنان ـــ الذي روى عن المفضل توحيده ـــ والمفضل لأنه في محل المنع بل يظهر من الأخبار الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما مع أن متن الخبرين شاهد صدق على صحتهما.وأيضا هما يشتملان على براهين لا تتوقف إفادتها العلم على صحة الخبر ).بحار الأنوار،ج3،ص55.
والإهليلجة رواها الشيخ الصدوق  في الخصال تحت عنوان : (ذكر تسع عشرة مسألة سأل عنها الصادق ع الطبيب الهندي في مجلس المنصور فلم يعلمها وأخبره الصادق ع بجوابها.
[5] ) المانوية أصحاب ماني‌ بن فاتك الحكيم الذي ظهر في زمان سابور بن أردشير ، وقتله بهرام‌ بن هرمز بن سابور ، وذلك بعد عيسى ابن مريم ع . أحدث دينا بين المجوسية والنصرانية ، وكان يقول بنبوة المسيح ع ولا يقول بنبوة موسى ع . حكى محمد بن هارون المعروف بأبي عيسى الوراق ، وكان في الأصل مجوسيا عارفا بمذاهب القوم : أن الحكيم ماني زعم أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين . أحدهما نور ، والآخر ظلمة ، وأنهما أزليان لم يزالا ، ولن يزالا ، وأنكر وجود شي‌ء إلا من أصل قديم ، وزعم أنهما لم يزالا قويين حساسين ، دراكين سميعين بصيرين، وهما مع ذلك في النفس ، والصورة ، والفعل ، والتدبير ، متضادان ، وفي الحيز متحاذيان تحاذي الشخص و الظل.الملل والنحل للشهرستاني،ج1،ص244.
[6] ) انظر توحيد المفضل : ص30،ص34،ص116،ص118.
[7] ) قد يكون المراد بالمحيل : هو المخادع والكذاب .
[8] ) مستدرك الوسائل،ج11،ص380.
[9] ) توحيد الصدوق،ص457.
[10] ) أصول الكافي،ج1،ص219.
[11] ) أصول الكافي،ج1،ص219.
[12] ) انظر وسائل الشيعة،ج11،ص452.
[13] ) أصول الكافي،ج1،ص221.
[14] ) اختيار معرفة الرجال،ص325.
[15] ) اختيار معرفة الرجال،ص114.
[16] ) عده النجاشي من ضمن كتبه.انظر رجال النجاشي،ص433.
[17] ) رجال النجاشي،ص307. ومن ضمن كتبه التي عدها النجاشي : (كتاب الرد على الحسن البصري في التفضيل).
Comments (0)
Add Comment