لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم

 

(لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)([1]) نقله ابن أبي الحديد (ت:656هـ) في شرح نهج البلاغة ولا يوجد مصدر متقدم عليه نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام،وابن أبي الحديد لم ينسبها لأمير المؤمنين وإنما نقله بعنوان ما هو مشهور عنه وما هو منسوب إليه غير مشهور وبعنوان الحِكم المنسوبة لغيره عليه السلام حيث يقول:(هذا آخر ما دونه الرضي أبو الحسن رحمه الله من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في (نهج البلاغة) قد أتينا على شرحه بمعونة الله تعالى ونحن الآن ذاكرون ما لم يذكره الرضي مما نسبه قوم إليه فبعضه مشهور عنه وبعضه ليس بذلك المشهور لكنه قد روى عنه وعزى إليه وبعضه من كلام غيره من الحكماء ولكنه كالنظير لكلامه والمضارع لحكمته)([2]).
وعند نقله لم يقل هل هو منسوب لأمير المؤمنين أم غيره.ولكن لِما نسبه من قبله لسقراط وأفلاطون يتبين أنه لم يكن لأمير المؤمنين لأن بعض المصنفات المتقدمة زماناً على ابن أبي الحديد نسبته لسقراط كما في الملل والنحل للشهرستاني (ت:548هـ) حيث تعرض لذكر جملة من أقواله وذكر من ضمنها : (لا تكرهوا أولادكم على آثاركم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)([3]).
وابن حمدون (ت:562هـ) في التذكرة الحمدونية نسبه لأفلاطون :(قال أفلاطون : لا تجبروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)([4]).
كما أن بعض المصنفات المتأخرة عن ابن أبي الحديد نسبته للحكماء مثل أحمد وزير (ت:782هـ) في بياض تاج الملك تطرق لنقل جملة من أقوال الحكماء ونسبه لأفلاطون إذ يقول : (أفلاطون الإلهي : لا تقصروا أولادكم على آدابكم فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)([5]).
والشيخ البهائي (ت:1031هـ) نسبه لبعض الحكماء قائلاً : (قال بعض الحكماء : لا تكرهوا أولادكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)([6]).
ومما تقدم يتضح أنه لا يمكن نسبة هذا القول لأمير المؤمنين عليه السلام ، ومع غض النظر عن النسبة إلى قائلها في كثير من الأحيان يفسر تفسيرا خاطئا فقد يأتي من يفسره بمواكبة الأبناء لما شاع في عصرهم من الأمور غير اللائقة بذريعة أنهم مخلوقون لغير زمان الآباء ! ويمكن تفسيره تفسيرا صحيحا بمواكبة الأمور الصحيحة فمثلا إذا كان في زمان الآباء الطب مقتصرا على التداوي بالأعشاب لا يحق للآباء قسر أبناءهم على ذلك وعدم السماح لهم بمواكبة الطب الحديث سواء على مستوى الدراسة أو العلاج.
وإذا كانت الحياكة قائمة على الأدوات القديمة لا يحق لهم قسرهم عليها وعدم السماح باستخدام الأدوات الحديثة وعلى هذا قس نظائره من الأمثلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) شرح نهج البلاغة،ج20،ص267.
[2] ) شرح نهج البلاغة،ج٢٠،ص251.
[3] ) الملل والنحل،ج2،ص87.
[4] ) التذكرة الحمدونية،ج1،ص256.
[5] ) بياض تاج الدين،ج2،ص209.
[6] ) الكشكول،ج2،ص341.
كل التفاعلات:

٢الشيخ احمد الحسناوي وشخص آخر

 

Comments (0)
Add Comment