كان الأولى ببني أمية أن يحتفلوا بيوم نجاة عمرو بن بالعاص من سيف ذي الفقار بتلك الطريقة المخزية التي تناقلتها مصادر المسلمين.
المصادر التي ذكرت اتقاء عمرو بن العاص بسوءته :
1 ــ المنقري (ت:212هـ) في وقعة صفين : ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله ، فبدت عورته ، فصرف علي وجهه عنه وارتث ، فقال القوم : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين . قال : وهل تدرون من هو ؟ قالوا : لا قال : فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه . ورجع عمرو إلى معاوية فقال له : ما صنعت يا عمرو ؟ قال : لقيني على فصرعني . قال : أحمد الله وعورتك ، أما والله أن لو عرفته ما أقحمت عليه . وقال معاوية في ذلك :
ألا لله من هفوات عمرو * يعاتبني على تركي برازي
فقد لاقى أبا حسن عليا * فآب الوائلي مآب خازي
فلو لم يبد عورته للاقى * به ليثا يذلل كل نازي
له كف كأن براحتيها * منايا القوم يخطف خطف بازي
فإن تكن المنايا أخطأته * فقد غنى بها أهل الحجاز
فغضب عمرو وقال : ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا ، هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه ، أفترى السماء قاطرة لذلك دما ؟ ! قال : ولكنها معقبة لك خزيا.وقعة صفين،407
2 ــ ابن قتيبة الدينوري (ت:276هـ)الإمامة والسياسة : إن عمرا قال لمعاوية : أتجبن عن علي ، وتتهمني في نصيحتي إليك ؟ والله لأبارزن عليا ولو مت ألف موتة في أول لقائه . فبارزه عمرو ، فطعنه علي فصرعه ، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي ، وولى بوجهه دونه . وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد ، حياء وتكرما ، وتنزها عما لا يحل ولا يجمل بمثله ، كرم الله وجهه.الإمامة والسياسة،ج1،ص95
3 ــ ابن قتيبة الدينوري (ت:276هـ) في عيون الأخبار والمسعودي (ت:346هـ) في مروج الذهب : رأى عمرو بن العاص معاوية يوما يضحك فقال له : مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك اللَّه سنك ؟ قال : أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب ، أما واللَّه لقد وافقته منّانا كريما ، ولو شاء أن يقتلك لقتلك . قال عمرو : يا أمير المؤمنين ، أما واللَّه إني لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فاحولَّت عيناك وربا سحرك وبدا منك ما أكره ذكره لك فمن نفسك فاضحك أو دع .عيون الأخبار،ج1،ص262.مروج الذهب،ج3،ص20
4 ــ البيهقي (ت:320هـ) في المحاسن والمساوئ : أن عمرو بن العاص دخل على معاوية وعنده ناس فلما رآه مقبلا استضحك فقال : يا أمير المؤمنين أضحك اللّه سنك وأدام سرورك وأقر عينك ، ما كل ما أرى يوجب الضحك ! فقال معاوية : خطر ببالي يوم صفين يوم بارزت أهل العراق فحمل عليك علي بن أبي طالب ، رضي اللّه عنه ، فلما غشيك طرحت نفسك عن دابتك وأبديت عورتك كيف حضرك ذهنك في تلك الحال ، أما واللّه لقد واقفته هاشميا منافيا ولو شاء أن يقتلك لقتلك ! فقال عمرو : يا معاوية إن كان أضحكك شأني فمن نفسك فاضحك ، أما واللّه لو بدا له من صفحتك مثل الذي بدا له من صفحتي لأوجع قذالك وأيتم عيالك وأنهب مالك وعزل سلطانك ، غير أنك تحرزت منه بالرجال في أيديها العوالي ، أما إني قد رأيتك يوم دعاك إلى البراز فاحولت عيناك وأزبد شدقاك وتنشر منخراك وعرق جبينك وبدا من أسفلك ما أكره ذكره . فقال معاوية : حسبك حيث بلغت لم نرد كل هذا. المحاسن والمساوئ،ص46
5 ــ أحمد الأندلسي (ت:328هـ) في العقد الفريد : أقبل عبد اللّه بن عباس على عمرو ، فقال : يا عمرو ، إنك بعت دينك من معاوية ، وأعطيته ما بيدك ، ومنّاك ما بيد غيره فكان الذي أخذ منك أكثر من الذي أعطاك ، والذي أخذت منه دون الذي أعطيته ، وكلّ راض بما أخذ وأعطى ، فلما صارت مصر في يدك كدّرها عليك بالعدل والتنقص ، وذكرت مشاهدك بصفّين ، فو اللّه ما ثقلت علينا يومئذ وطأتك ولقد كشفت فيها عورتك.العقد الفريد،ج4،ص97.
6 ــ ابن عبد البر (ت:463هـ) في الاستيعاب : كان مع معاوية بصفّين ، فأمره أن يلقى عليّا في القتال ، وقال له : سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخرة ، ولم يزل به يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده في الحرب فالتقيا فصرعه على رضوان الله عليه ، وعرض له معه مثل ما عرض فيما ذكروا لعلى رضي الله عنه مع عمرو بن العاص . ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفّين أنّ بسر بن أرطاة بارز عليّا رضي الله عنه يوم صفين ، فطعنه علي رضي الله عنه فصرعه ، فانكشف له ، فكفّ عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عمرو بن العاص ، ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب ، منها فيما ذكر ابن الكلبي والمدائني قول الحارث بن النضر السّهميّ .
قال الكلبي ، وكان عدوا لعمرو وبسر :
أفي كلّ يوم فارس ليس ينتهى * وعورته وسط العجاجة بادية…الاستيعاب،ج1،ص164
7 ــ الخوارزمي (ت:586هـ) في المناقب : فحمل عليه أمير المؤمنين علي عليه السلام وعمرو لا يشعر به ، فطعنه وصرعه وبدت عورته ، فصرف علي عليه السلام وجهه فانسل عنه عمرو ، قيل لعلى في ذلك فقال إنه ابن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه . وروى أن عليا ” حمل عليه بسيفه وقال : خذها يا بن النابغة فسقط عن فرسه وأبدى عورته ، فقال له على : يا بن النابغة أنت طليق دبرك أيام عمرك ، وعذله معاوية وقال : ما هذه الفضيحة التي فضحت بها نفسك ؟ فقال عمرو لمعاوية : يا أبا عبد الرحمان من يتعرض لبلاء نفسه لا طاقة لي بعلي ولا لك ولا للوليد ولا لأحد من جموعنا ، وان لم تصدقني فجرب وقد دعاك مرارا إلى البراز ولا تبرز إليه وقال عمرو في ذلك..المناقب،ص236
8 ــ ابن أبي الحديد (ت:656هـ) في شرح نهج البلاغة : خبر عمرو في صفين واتقائه حملة علي عليه السلام ، بطرحه نفسه على الأرض وإبداء سوأته : فقد ذكره كل من صنف في السير كتابا ، وخصوصا الكتب الموضوعة لصفين.شرح نهج البلاغة،6،ص312
وروى ابن أبي الحديد عن الواقدي في المغازي : وروى الواقدي قال : قال معاوية يوما بعد استقرار الخلافة له لعمرو بن العاص : يا أبا عبد الله ، لا أراك إلا ويغلبني الضحك . قال : بماذا ؟ قال : أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين ، فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه ، وكشفت سوأتك له.شرح نهج البلاغة،ج6،ص317.
9 ــ ابن كثير (ت:774هـ) في البداية والنهاية : نادى ويحك يا معاوية ! أبرز إلي ولا تفني العرب بيني وبينك ، فقال له عمرو بن العاص : اغتنمه فإنه قد أثخن بقتل هؤلاء الأربعة ، فقال له معاوية : والله لقد علمت أن عليا لم يقهر قط ، وإنما أردت قتلي لتصيب الخلافة من بعدي ، اذهب إليك ! فليس مثلي يخدع . وذكروا أن عليا حمل على عمرو بن العاص يوما فضربه بالرمح فألقاه إلى الأرض فبدت سؤته فرجع عنه ، فقال له أصحابه : مالك يا أمير المؤمنين رجعت عنه ؟ فقال : أتدرون ما هو ؟ قالوا : لا ! قال : هذا عمرو بن العاص تلقاني بسؤته فذكرني بالرحم فرجعت عنه ، فلما رجع عمرو إلى معاوية قال له : احمد الله واحمد استك.البداية والنهاية،ج7،ص293
وللشعراء في اتقاء عمرو بن العاص بعورته أشعار كما يقول ابن أبي الحديد : ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين ، أن بسر بن أرطاة بارز
عليا يوم صفين ، فطعنه علي عليه السلام فصرعه ، فانكشف له ، فكف عنه ، كما عرض له مثل ذلك مع عمرو بن العاص . قال : وللشعراء فيهما أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب.شرح نهج البلاغة،ج6،ص316