النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(12)التفويض (القسم الثالث)

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(12)التفويض (القسم الثالث):

هل إن الخير الذي يصل من الله إلى خلقه يكون بواسطة أهل البيت عليهم السلام؟
يوجد هنا معنيان أحدهما صحيح دون الآخر:
الأول : إن الله تعالى خلق الخلق ببركة وجود أهل البيت وبهم يرزق العباد وينعم بخيره عليهم.وهذا هو المعنى الصحيح الذي تدل عليه الكثير من النصوص في مصادر الخاصة والعامة.
من ضمنها ما روي عن الإمام السجاد عليه السلام : (نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغر المحجلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وبنا ينشر الرحمة ، ويخرج بركات الأرض ، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها)أمالي الصدوق،ص252
وروى الحاكم النيسابوري عن رسول الله : (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمد أو لم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد.المستدرك على الصحيحين،ج2،ص615
ثانيهما : إن الله تعالى لا يمكن أن يخلق الخلق ولا يصل خيره إليهم إلا من خلال واسطة الفيض وتسمى أيضا الصادر الأول ويُعبر عنها ب(قاعدة الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد).وهذا قطعا من المعاني الباطلة لعدم وجود الدليل عليه في الآيات والروايات.ولأنه يُثبت العجز لله تعالى حيث مقتضى هذا المعنى أن الخلق والخير لا يتم ولا يصدر إلا من خلال واسطة الفيض ولا يمكن لله أن يخلق ويرزق من غير واسطة الفيض.
وواسطة الفيض بهذا المعنى من معتقدات الفلسفات الدخيلة على الإسلام وإن حاول الفلاسفة لا سيما فلاسفة الشيعة اجترار النصوص وتأييدها بشكل تعسفي لا يدلل إلا على أنهم اعتقدوا بها واستسقوها من غير الدين ثم أرادوا التدليل عليها بعد الاعتقاد.
وترجع أصولها إلى فلسفة الفرس الثنويين حيث يقول آقا بزرك الطهراني : (الواحد لا يصدر منه إلا الواحد من الأصول الفلسفية عند الثنويين الفرس القدماء ، وتخلصا منه جاء النؤأفلاطونيون في الإسكندرية بنظرية العقول العشرة لإثبات التوحيد وعنهما أخذ الإشراقيون الصوفيون من المسلمين القائلين بوحدة الوجود وألفوا في الموضوع رسائل متعددة).الذريعة إلى تصانيف الشيعة،ج25،ص5.
تنويه منهم
بعض العلماء من غير أصحاب الاتجاه الفلسفي لهم كلام يتبنى المعنى الأول ولكن من لا يفرق بين المعنى الأول والآخر توهم أنهم يقولون بواسطة الفيض بالمعنى الذي يقول به الفلاسفة.
Comments (0)
Add Comment