النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(18)
من سمة الغلاة البارزة والاتجاهات المنحرفة بصورة عامة بغض علماء الدين والنيل منهم لأن علماء الدين العارفين بدين الله وحلاله وحرامه يعلمون جيدا أباطيل الغلاة وأصحاب الانحراف فيقفون بوجههم ويحذرون منهم ولذا كان زعماء تلك الاتجاهات يبغضون العلماء وينفرون منهم وإلى يومنا هذا نجد الذين يستقون فكرهم ومعارفهم بحسب ما تمليه الأهواء والفلسفات الدخيلة على الإسلام مثل مسلك الفلاسفة وعرفاء الصوفية يتخذون موقف الند من العلماء ويحطون من قدرهم ويُهونون من منزلتهم في نظر أتباعهم لأن مع وجود العلماء لا يذيع صيتهم ولا تستتب لهم الأمور.
روي عن جميل بن دراج ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله عليه السلام من أهل الكوفة من أصحابنا . فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال لي . لقيت الرجل الخارج من عندي ؟ فقلت بلي هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة ، فقال لا قدس الله روحه ولا قدس مثله إنه ذكر أقواماً (أي نال منهم) كان أبي عليه السلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي ، هم مستودع سري أصحاب أبي عليه السلام حقا ، إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شيعتي أحياءً وأمواتا يحيون ذكر أبي عليه السلام بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين ، ثم بكي . فقلت : من هم ؟ فقال : من عليهم صلوات الله ورحمته أحياءً وأمواتا ، بريد العجلي وزرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم ، أما أنه يا جميل سيبين لك أمر هذا الرجل إلى قريب ، قال جميل : فوالله ما كان إلا قليلاً حتى رأيت ذلك الرجل ينسب إلى أصحاب أبي الخطاب (أي من الغلاة) ، قلت : الله يعلم حيث يجعل رسالاته ، قال جميل (الذي هو من أجلة أصحاب الإمام الصادق) : وكنا نعرف أصحاب أبي الخطاب ببغض هؤلاء رحمة الله عليهم.اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)،ج1،ص348.