النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(29) البترية منهج في التقصير

النمرقة الوسطى ما بين الغلو والتقصير(29)

البترية منهج في التقصير

إن البترية يسعون إلى التوفيق بين ما جاء في مذهب أهل البيت عليهم السلام ومخالفيهم ، ولا يستتب لهم التوفيق من غير إقصاء المناقب ولذا هم ينتهجون استقصاء المناقب ومقام أهل البيت عليهم السلام تزلفا للمخالفين وما لديهم من معتقدات ، وهذا المنهج قائم منذ بداية البترية إلى يومنا هذا وإن كان في كل عصر يظهر بشكل جديد وتحت عناوين مختلفة .

أما رموز البترية وسبب تسميتهم بهذا الاسم فقد بينه الشيخ الصدوق رحمه الله لما رواه : عن سدير قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي سلمة ابن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النواء وجماعة منهم ، وعند أبي جعفر عليه السلام أخوه زيد بن علي عليه السلام فقالوا لأبي جعفر عليه السلام : نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ، قال : نعم ، قالوا : فنتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم ، قال : فالتفت إليهم زيد بن علي عليه السلام وقال لهم : أتتبرؤون من فاطمة عليها السلام بترتم أمرنا بتركم الله ، فيومئذ سموا البترية)([1]).

إن الخبر يبيّن جمع البترية وتلفيقهم ما بين أهل البيت وما بين أعدائهم ، وهو عين إقصاء أهل البيت عن مكانتهم وما لهم من عظيم شأن ، ثم ينحدر بهم هذا المنهج إلى إقصاء المناقب . وليس هذا بالشيء الغريب لأنه يرتكز على عدم معرفة أهل البيت عليهم السلام ، ومولاة أعدائهم خير شاهد على ذلك ، وهذا ما نقله النوبختي في تخليطهم ما بين ولاية أمير المؤمنين وأبي بكر في فرق الشيعة : (البترية وهم أصحاب كثير النواء والحسن بن صالح بن حي وسالم بن أبي حفصة والحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل وأبي المقدام ثابت الحداد وهم الذين دعوا الناس إلى ولاية علي عليه السلام ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر فهم عند العامة أفضل هذه الأصناف وذلك أنهم يفضلون عليا ويثبتون إمامة أبي بكر)([2]).

وعد الكشي جملة من البترية حيث يقول : وقيس بن الربيع بتري كانت له محبة . فأما مسعده بن صدقة بتري وعباد بن صهيب عامي ، وثابت أبو المقدام بتري وكثير النواء بتري ، وعمرو بن جميع بتري ، وحفص بن غياث عامي ، وعمرو بن قيس الماصر بتري ، ومقاتل بن سليمان البجلي . وقيل البلخي بتري ، وأبو نصر بن يوسف ابن الحارث بتري([3]).

منهج البترية قائم على إقصاء المناقب

توجد عدة روايات تدل على أن منهج البترية قائم على إنكار مناقب أهل البيت وتكذيبها من ضمنها :

روى الشيخ الكليني في أصول الكافي عن عبيد بن زرارة قال : أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون([4]).

ويظهر من الخبر أن الحكم بن عتيبة الذي هو من رؤساء البترية كان منكرا لهذا المقام في حق الأئمة عليهم السلام ولربما كان من المشككين في الأخبار المروية في هذا الجانب ، والطاعنين على أصحاب الأئمة عليهم السلام لنقلهم تلك الأخبار.

عن أبي مريم الأنصاري ، قال ، قال لي أبو جعفر عليه السلام : قل لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة شرقا أو غربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت([5]).

والخبر يدل على أن سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة اللذين هما من البترية لم يكونا على معرفة بعلم الإمام عليه السلام ولذا هم يطلبون العلم من عند غيره.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) من لا يحضره الفقيه،ج4،ص544؟اختيار معرفة الرجال،ج2،ص505.

[2] ) فرق الشيعة،ص57.

[3] ) اختيار معرفة الرجال،ج2،ص687.

[4] ) أصول الكافي،ج1،ص270.

[5] ) اختيار معرفة الرجال،ج2،ص469.

Comments (0)
Add Comment