س : (7) هل توجد رسالة للشيخ جعفر كاشف الغطاء بشأن العرفان الصوفي ؟
ج : نعم الشيخ له رسالة أرسلها إلى أهل خوي ، من مدن إيران ، لما توسعت دعوة الصوفية فيهم ، وكان فيها توبيخ وتهديد وتحذير ، واستعطاف وهي : (بسم اللَّه والحمد للَّه والصلاة على محمد وإله . من المعترف بذنبه المقصر في طاعة ربه ، أقل الأنام ، كثير الذنوب والآثام ، الأقل الأحقر عبد اللَّه جعفر ، إلى الإخوان الكرام والأخلاء العظام ، أعاظم أهل خوي وأعيانها وأساطينها وأركانها . أما بعد : فقد صح الكلام المأثور والمثل المشهور أنه ما يثنى إلا وقد يثلَّث . فقد حصل ثالث الأديان في بلادكم ، المذهب الوهابي وبيكجان ، فهنيئا لكم على هذا الدين الجديد ، والمذهب السديد ، وظهور هؤلاء الأنبياء الذين يخاطبون بصفات جبار السماء ، بل كانوا عين اللَّه ، وكان اللَّه عينهم ، ولا فرق بينه وبينهم !! فدقّوا الطبول ، وغنّوا بالمزامير ، وأظهروا العشق للطيف الخبير ، وأكثروا النظر إلى الأمرد الحسان . فإنه يتحد بهم الرحيم الرحمن ، ودعوا الصلاة والصيام وجميع العبادات بالتمام ، فإنكم نلتم درجة الوصول ، فلمن تعبدون ؟! وأنتم مع اللَّه متّحدون فلمن تسجدون ؟ إنما يعبد من لم يبلغ الوصول إلى تلك الرتب ، كمحمد صلَّى اللَّه عليه وآله سيد العرب ، أما من لم يكن في جبته غير اللَّه فليس عليه صيام ولا صلاة . فالحمد للَّه الذي أعطاكم أنبياء متعددين ، وأَبان غَلَطنا في أن محمدا صلى اللَّه عليه وآله خاتم النبيين ، والشكر للَّه الذي بعث إليكم رسلا لا يعرفون أصلا ولا فرعا ، فلو سألت أكبرهم عن أفعال الشك لتحير ، أو عن أحكام السهو لما تدبر ، أو عن بعض الفروع الفقهية لوجدتموه جاهلا بالكلَّية . وعلى كل حال فلكم الهناء ، وقد بلغتم من معرفة الدين كل المنى ، ونحن لنا عليكم حق يجب عليكم فيه الأداء ، ولا يتم ذلك إلا بإرسال هؤلاء الأنبياء ، ليعلمونا كما علموكم ، ويفهمونا كما فهموكم ، لنصل إلى بعض ما وصلتم إليه ، ونقف على بعض ما وقفتم عليه . حلواى تنتنانى تا نخورى نداني([1]) .
فأقسمت عليكم باللَّه أن تطعمونا من هذه الحلواء التي ما ذاقها الأنبياء ، ولا الأوصياء ، ولا العلماء من المتأخرين والقدماء ، ولا وصفت أجزاؤها في كتاب منزل ولا على لسان نبي مرسل . فإما أن لا يكونوا علموها ولا وصلوا إليها ولا فهموها ، أو وجدوها حلواء ميشومة ، بأنواع السم مسمومة ، تقتل آكليها بحرارتها ، وتقطع أمعائهم لشدة مرارتها . واللَّه إني أُخبرت واختبرت أهل هذه الأقاويل ، فوجدتهم بين من يسلك هذه الطريقة ليتيسر له تحصيل ملاذ الدنيا : من النظر إلى وجوه الأمرد الحسان ، والتوصل إلى ضروب العصيان ، وبين من يريد جلالة الشأن وليس من أهل العلم حتى ينال ذلك في كل مكان ، فيدلَّس نفسه في اسم طاعة الرحمن ، وبين ناقص عقل قد امتلأ من الجهل . وإلا فكيف يخفى على الطفل الصغير فضلا عن الكبير السيرة النبوية ، والطريقة المحمدية والجادة الإمامية ، حتى يشتبه عليه التدليس ، وما عليه إبليس وجنود إبليس ؟ ! اللهم إني أنذرت ، اللهم إني أخبرت ، اللهم إني وعظت ، اللهم إني نصحت ، فلا تؤاخذني بذنوب أهل خوي وأمثالهم يا أرحم الراحمين)([2]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) من الأمثال الفارسيّة بمعنى : من لم يذق لم يدر .
[2] ) مقدمة كتاب كشف الغطاء،ج1،ص28.