(16) س : ما هو سبب انجذاب الناس إلى التصوف ؟

 

(16) س : ما هو سبب انجذاب الناس إلى التصوف ؟

الجواب : إن أسباب انجذاب الناس إلى التصوف يمكن بيانها وإيضاحها من خلال عدة أمور :

الأمر الأول :  إن من أسباب انجذاب الناس إلى التصوف هو أن الصوفية في كتبهم وحديثهم وحتى في مصطلحاتهم يصورون قرب علاقة المخلوق مع الله عز وجل كما في مثل : (وحدة والوجود والموجود) (الفناء في الله) (الذوبان في الله) ، هذه المصطلحات وأمثالها تستميل النفوس وتجذب الناس ولم يبحثوا عن صحتها وموافقتها للدين من عدمه.

وغير خافٍ أن النصوص الدينية أيضا تدل على قرب الخالق من المخلوقين ، ولكن بكيفية تتناسب مع الخالق تبارك وتعالى لا كما يفعله الصوفية  بأسلوب العشق والغزل ونحوهما مما لا يتلائم مع الله عز وجل  .

الأمر الثاني : من الأمور التي تستهوي عامة الناس إلى التصوف هو أن الصوفية يُعبرون عن معتقداتهم وأفكارهم من خلال الشعر بأسلوب الحب والعشق والانقطاع والوصال ، حتى صار ذلك النمط من  السمات البارزة في الثقافة الصوفية وهذه من أساليب الجذب واستقطاب الناس لأنها أوفق لأذواقهم.

الأمر الثالث : من أبرز الأمور التي جذبت وتجذب الناس إلى العرفان الصوفي ورموزه هو أن المكاشفات وخوارق الطبيعة والغرائب حاضرة بقوة لديهم ، بل مخيمة وطاغية على كل ثقافتهم ومعرفتهم ولهذا تجد من الأمور الواضحة جدا عند الصوفية الحكايات الكثيرة في مصنفاتهم وأقوالهم عن كراماتهم وكرامات من سبقهم من الصوفية ، وفي زماننا هذا أيضا من الأمور الشائعة عند عامة الناس هو أن العارف مطلع على حقائق الناس وخفايهم وما يؤل إليه مصيرهم في قادم الأيام . وبكل تأكيد هذه وسيلة جذب جدا قوية تستقطب المغفلين نحوهم وتدعوهم أن يكونوا ضمن مسلكهم.

والصوفية يعلمون ذلك جيدا ولذا هم يركزون على جانب الكرامات والخوارق ، وقد كانت من وسائل الصوفية لجذب البسطاء نحوهم في القرون الأولى من الإسلام كما نقلتُ ذلك في كتاب : (التصوف والعرفان) حيل ودجل الحلاج في سبيل إغراء الناس وتصديقهم به.

الأمر الرابع : التسامح والانفتاح على كافة الأديان والمعتقدات وعدم النفور والمخالفة مع أي منها من سمات التصوف ، ولسان حالهم ومقالهم التصالح  مع كل البشر وتقبل جميع ما لديهم من معتقدات وانحرافات : يقول ابن عربي :

لقد صار قلبي قابلاً كلَّ صورة
وبيت لأوثان وكعبةُ طائف
أُدين بدين الحب أنى توجهت
  فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وألواحُ توراةٍ ومصحف قرآن
ركائبه فالدين ديني وإيماني([1]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق،ص35.

 

Comments (0)
Add Comment