ما هو مصدر ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه المتداول في كتب الفلاسفة والعرفاء

 

(23) س : ما هو مصدر : (ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه) المتداول في كتب الفلاسفة والعرفاء ؟

ج : لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عن أحد الأئمة عليهم السلام في المصادر الشيعية ولا في مصادر العامة ، وإنما نسبه يحيى بن معاذ الرازي (ت:258هـ) لبعض العارفين كما ذكر : (قال بعضهم : لا أرى شيئا إلا رأيت الله قبله)([1]).

والكلاباذي (ت: 380هـ) نسبه لمحمد بن واسع([2]).

ونُسب هذا القول إلى الحلاج في ديوانه([3]).

والهجويري (ت: 465 ه‍ـ) نسبه لمحمد بن واسع([4]).

وابن عربي (ت:638هـ) نسبه لأبي بكر حيث يقول : (مقام الصديق في قوله ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله وذلك لما ذكرناه من شهوده صدور الأشياء عن الله بالتكوين فهو في شهود دائم والتكوينات تحدث فما من شيء حادث يحدث عن الله إلا والله مشهود له قبل ذلك الحادث وما نبه أحد فيما وصل إلينا على هذا الوجه وما يتكون منه في قلب المعتكف على شهوده إلا أبو بكر الصديق)([5]).

وابن سبعين (ت:669هـ) نسبه لأهل الشهود([6]).

والرومي (ت:672هـ) في المثنوي ذكره على إنه مقام يصل المرء إليه كما يقول : (وتصبح مصداقا لـ : ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيه)([7]).

ابن عطاء الله السكندري (ت:709هـ) قسم المقولة إلى ثلاثة أقسام بحسب ما راق له نظره وأسعف به وهمه  : (فمن نظر إلى وجود الحق بعين القدم ونظر إلى ما سواه بعين الحدوث والعدم ، فقد شاهد أزليته . وقال : ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله . ومن نظر إليه بعين البقاء ، ولخلقه بعين الفناء ، فقد شاهد سرّ أزليته . وقال : ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه بعده . ومن نظر إليه بعين العلم والقدرة وللخلق بعين الجهل والعجز وقصور المنّة . فقد شاهد فعله وإحاطته . وقال : ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه معه)([8]).

والدميري (ت:808هـ) في حياة الحيوان نسبه لأبي بكر([9]).

والسيد حيدر الآملي ــ من صوفية الشيعة في القرن الثامن الهجري ــ في تفسيره بعد ما نقل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : (وقال غيره : ما رأيت شيئا إلا ورأيت اللّه فيه قبله)([10]). ويبدو أنه لم يقصد بقوله : (وقال غيره) نسبته لرسول الله صلى الله عليه وآله كما يظهر من استعماله لهذا التعبير في سائر تفسيره ، ولربما كان ملتفتا إلى عدم كونه من الأحاديث.

والمير داماد (ت:1041هـ)  أستاذ ملا صدرا نعت به الراسخين في العلم حيث قال : (قائلا بصرهم الروعي القدسي ما رأيت شيئا إلا ورأيت اللّه قبله)([11]).

وملا صدرا (ت:1050هـ) في عدة مواضع من حكمته المتعالية وشواهد الربوبية وشرحه على أصول الكافي نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([12](

والفيض الكاشاني (ت:1091هـ) نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([13]).

وملا صالح المازندراني (ت:1081هـ) نسبه لأمير المؤمنين في شرحه لأصول الكافي([14]) ، ونسبه لأحد الأولياء في موضع آخر من الكتاب كما ذكر : (إليه أشار بعض الأولياء بقوله : ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله)([15]).

القاضي سعيد القمي (ت:1107هـ) نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([16]).

وملا هادي السبزواري (ت:1289هـ) نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([17]).

 السيد الطباطبائي نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([18]).

وجواد الملكي التبريزي في المراقبات نسبه للإمام الصادق عليه السلام([19]).

والسيد الخميني نسبه للإمام الصادق عليه السلام([20]).

والسيد عبد الأعلى السبزواري في تفسيره نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([21]).

والشيخ جعفر السبحاني نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام في العقيدة الإسلامية([22]).

والسيد كمال الحيدري في أصول التفسير والتأويل نسبه لأمير المؤمنين عليه السلام([23]).

إن هذا القول لم يرد عن أحد المعصومين عليهم السلام في المصادر الحديثية ، وإنما أقدم المصادر التي نقلته هي مصادر التصوف ولم تنسبه لأهل البيت عليهم السلام ، إذ نسبته إلى أكثر من واحد من الصوفية كما تقدمت الإشارة إليهم ، وبعض تلك المصادر نسبته لأحد الأولياء من دون الإشارة إلى اسمه . ثم جاء بعد ذلك ملا صدرا ونسبه لأمير المؤمنين عليه السلام في كتبه ، ثم  نسبه بعض المؤلفين والمفسرين لأمير المؤمنين عليه السلام اعتمادا على ما ذكره ملا صدرا من غير تحقيق ومراجعة المصادر.

وبعد ذلك يتضح لك أن الشروحات والتفسيرات التي جاءت على هذه المقولة لا قيمة لها ولا موجب لصرف الوقت في معرفة معناها وشرحها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) جواهر التصوف،ص219.

[2] ) التعرف لمذهب أهل التصوف،ص٦٤.

[3] ) ديوان الحلاج،ص39.

[4] ) كشف المحجوب،ص120.

[5] ) الفتوحات المكية،ج3،ص559.

[6] ) أنوار النبي،ص28.

[7] ) المثنوي،ج2،ص327.

[8] ) المقصد المجرد،ص12.

[9] ) حياة الحيوان،ج1،ص306.

[10] ) المحيط الأعظم،ج2،ص524.

[11] ) التعليقة على أصول الكافي،ص212.

[12] ) انظر الحكمة المتعالية/دار إحياء التراث العربي،ج2،ص117،ج3،ص283،،ج8،ص118،178،362.الشواهد. الربوبية،ج2،ص449،785. شرح أصول الكافي،ج1،ص250.ج3،ص61،432.ج4،ص204.

[13] ) في كتاب المعارف،ص38 وغيره من كتبه.

[14] ) شرح أصول الكافي،ج3،ص83.

[15] ) شرح أصول الكافي،ج9،ص427.

[16] ) شرح توحيد الصدوق،ج2،ص275.

[17] ) شرح الأسماء الحسنى،ج2،ص21.

[18] ) رسالة الولاية،ص30وفي تفسير الميزان،ج8،ص263.

[19] ) المراقبات،ص ١٧٩.

[20] ) شرح دعاء السحر،ص146.

[21] ) مواهب الرحمن،ج2،ص246.ج4،ص213.ج7،ص301.

[22] ) في العقيدة الإسلامية على ضوء أهل البيت،ص137.

[23] ) أصول التفسير والتأويل،ص280.التربية الروحية،ص90.

 

Comments (0)
Add Comment