(28) س : هل يمكن للعلماء تقييم ابن عربي أم أنهم غير متخصصين ولا يمكنهم ذلك فقط العرفاء يمكنهم تقييمه ؟
ج : العرفاء منحازون ولا يعول على تقييمهم ـــ كما لا يعول على تقييم المالكي والحنفي مثلا في تقييم مذهبهما ـــ لأنهم يقدسون كلامه وينظرون إليه كما ينظرون إلى النصوص الدينية ، ويؤولون منه المخالف للنصوص لكي ينسجم معها من أجل التبرير له ، بل بعضهم يرى كلامه فوق النصوص الدينية كما كان يفعل ملا صدرا ، وقد نوه لذلك الشيخ المظفر وعدها من المؤاخذات المنهجية عليه : (في بعض المواضع ما يشعر بأن قوله عنده من النصوص الدينية التي يجب التصديق بها ولا يحتمل فيها الخطأ)([1]).
ومن أعظم الأوهام التي دَرَجَ عليها العرفاء والمتأثرون بهم هو عد أنفسهم أهلاً لتقييم ابن عربي ونحوه من عرفاء الصوفية وما لديهم من متبنيات ، ولا يمكن ذلك لعلماء الدين. والصحيح هو خلاف ذلك تماما ، لأن علماء الدين يجعلون الأفكار والمعتقدات في ميزان الدين ويصوبون الصحيح منها ويخطئون السقيم على هذا الأساس ، بخلاف عرفاء الصوفية حيث الموازين لدينهم منكوسة فيؤولون النصوص لكي تنسجم مع متبنياتهم وما جاء به رموزهم ، فلا يمكن الأخذ بتقييمهم ، نظير عدم إمكان الأخذ بتقييم أصحاب الفرق الباطلة لما لديهم ؛ فهل ترى يصح القول بأنهم متخصصون بما لديهم وتركن لتقييمهم ؟!
وملخص ما تقدم هو عدم إمكان الأخذ بتقييم عرفاء الصوفية في تقييم ابن عربي وسائر رموز التصوف ، وتقييم العلماء هو الأوفق بذلك . وعين الكلام يجري في تقييم متبنيات الفلسفة لا يمكن الركون فيه لأصحاب الاتجاه الفلسفي.وإنما الأخذ بتقييم العلماء الذين لديهم اطلاع على المتبنيات الفلسفية وما يتعارض منها مع الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] )المقدمة الكاملة للأسفار،ص36.