(30) س : ما هو مصدر خبر :(كلميني واشغليني يا حميراء) ؟

 

(30) س : ما هو مصدر خبر :(كلميني واشغليني يا حميراء) ؟

ج : نسبه الشيخ النراقي في جامع السعادات لرسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول : (إذا غشيته كثرة الاستغراق وخاض في غمرات الحب والأنس ، يضرب يده على فخذ عائشة ويقول صلى الله عليه وآله : (كلميني واشغليني يا حميراء) وهي تشغله بكلامها عن عظيم ما هو فيه ، لقصور طاقة قالبه عنه)([1]).

وهو مما لا مصادر له في مصادر الخاصة والعامة.ونسبه الغزلي في الإحياء لرسول الله بصيغة:(كلميني يا عائشة) : (قد كان استغراقه بحب الله تعالى ، بحيث كان يجد احتراقه فيه إلى حد كان يخشى منه في بعض الأحوال أن يسرى ذلك إلى قالبه فيهدمه ، فلذلك كان يضرب بيده على فخذ عائشة أحيانا ويقول : (كلميني يا عائشة) لتشغله بكلامها عن عظيم ما هو فيه ، لقصور طاقة قالبه عنه)([2]).

ويبدو أن الشيخ النراقي نقل الخبر من الإحياء بالمعنى كما يظهر من خلال الاقتباس الواضح في هذا المورد وسائر ما في جامع السعادات من اقتباسات الإحياء. 

وبعد الغزالي الرومي في المثنوي نقله عن الإحياء : (وقد ذكر الغزالي أن الرسول كان يقول : (كلميني يا عائشة) لتشغله بكلامها عن عظيم ما هو فيه)([3]).

والسيد حيدر الآملي نقله في تفسيره بصيغة مقاربة : (وقد كان يحصل له غشيان في بعض الأوقات عند نزول الوحي فكان يقول لعائشة : (كلميني يا حميراء كلميني يا حميراء)([4]).

وأيضا نسبه الشيخ جواد الملكي التبريزي في المراقبات لرسول الله صلى الله عليه وآله : (وقد روي لنا عن حالات رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أنه كان في بعض حالاته يقول : كلميني يا حميراء)([5]).

ويقول السيد مرتضى العسكري في خبر (كلميني يا عائشة) واعتماد الشيخ النراقي وابنه على نقل الغزالي : (لم أجد له أصلا ، والسبب في ذلك أنه لا أصل له ، ولكن العلماء بعد الغزالي اعتمدوا على نقله ونسبوا هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مثل المولى مهدي النراقي (ت: 1209هـ) الذي أسند هذا الحديث إلى رسول الله (ص) في كتابه جامع السعادات وابنه الملا احمد النراقي (ت:1245ه‍) الذي نقل الحديث في كتابه معراج السعادة .وهكذا شحن الشيخ أبو حامد كتابه إحياء علوم الدين بأمثال تلكم المفتريات والمختلقات وأخذ منه من أخذ من العلماء . ونحن لا نشك أن الغزالي كتب ما كتب في الإحياء من كل كذب وافتراء وتدليس احتسابا للخير وبقصد التقرب إلى الله في تربية السالكين إليه . ولا يمنعنا ذلك من أن ندرس ما روى ونقل خبرا بعد خبر ونبين زيفه ومخالفته للحق وأحكام الإسلام وعقائده . وكان الغزالي من أعاظم العلماء في عصره ومن أئمة أهل العرفان في دهره ، وافترى بها على رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وأئمة أهل بيته مما درسناه في سلسلة دراسات في سبيل تمحيص سنة الرسول)([6]).

إن الأخبار الموضوعة في إحياء الغزالي كثيرة جداً قد أحصى الكثير منها السبكي (ت:781هـ) في (طبقات الشافعية الكبرى) من خلال فصل مستقل كما يقول : (هذا فصل جمعت فيه جميع ما في كتاب الإحياء من الأحاديث التي لم أجد لها إسنادا)([7]). وطُبع هذا الفصل مؤخراً في كتاب مستقل بعنوان : (أحاديث الإحياء التي لا أصل لها) . ولكن بعض ما أحصاه السبكي له أصل في مصادرنا الشيعية وإن كان على نحو النزر اليسر ، وأغلب ما ذكره لا أصل له في مصادر المسلمين عامة ، ونقل منها الشيخ النراقي في جامع السعادات وحيدر الآملي في كتبه وملا صدر وسائر عرفاء الشيعة في مصنفاتهم ولذا كان لعرفاء الشيعة دور كبير وباب واسع في نشر الموضوعات من خلال ما صنفه الغزالي وغيره من عرفاء الصوفية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) جامع السعادات،ج2،ص8.

[2] ) إحياء علوم الدين،ج8،ص184.

[3] ) المثنوي،ج1،ص524.

[4] ) المحيط الأعظم،ج3،ص123.

[5] ) المراقبات،ص163.

[6] ) أحاديث أم المؤمنين عائشة،ج2،ص26.

[7] ) طبقات الشافعية الكبرى،ج6،ص287.

Comments (0)
Add Comment