(34) س هل يتوقف فهم بعض الآيات والروايات على العرفان الصوفي ؟

 

(34) س هل يتوقف فهم بعض الآيات والروايات على العرفان الصوفي ؟

ج :  إن القول بأن الفلسفة ــ سواء فلسفة المشاء أم فلسفة الإشراق والتي تسمى بالعرفان والتصوف ــ من المقدمات لفهم الآيات والروايات أو يتوقف فهم بعضها على فلسفة المشاء والإشراق مجرد دعوى لا دليل عليها ، ومن جهة أخرى من حيث الواقع والتطبيق لم يتوقف فهم نص من النصوص على أي منهما فالواقع الملموس يكذب هذه الدعوى وخير شاهد على بطلانها ، لأن الفلسفة بقسميها ليست كلغة العرب جاء بها القرآن الكريم والحديث الشريف لكي تتخذ لفهم النصوص الدينية ، ولم تستعمل النصوص المطالب الفلسفية وما جاءت بها من مصطلحات كي نجعل الفلسفة باباً من أبواب فهم النصوص ، وإنما هي عبارة عن متبنيات دخيلة على الإسلام ؛ فلا دخالة لها بالنصوص الدينية . ولو كانت الفلسفة طريقاً للوصول إلى معاني النصوص وفهم مرادها لحث عليها الأئمة عليهم السلام وأمروا أصحابهم بتعلمها ؛ إذ لا يعقل أن تكون بهذه المنزلة وعظيم الخطر في الوقوف على معاني النصوص ثم يتجاهلها الأئمة عليهم السلام . ولو توقف فهم النصوص عليها لكان علينا الجزم بأن أصحاب الأئمة لم يفهموا الكثير من الأحاديث التي خُطبوا بها ، حيث لم يكن أصحاب الأئمة من الفلاسفة ولم يتداولوا هذه الفلسفات فيما بينهم ، وكان علينا التسليم بأن الأئمة عليهم السلام لم يبينوا مرادهم في بعض الأخبار ، وأنهم عليهم السلام كانوا يتكلمون تارة مع من لا شأن له بالفهم ومعرفة المراد . ثم إن الفلسفة تخالف الدين أحيانا ولذا كان يلجأ أصحابها إلى تأويل النصوص الدينية ولي عنقها كي تنسجم مع متبنياتهم فدعوى عد الفلسفة بقسميها من العلوم الآلية لفهم النصوص الدينية مجرد زعم لا قيمة له.

ومن أسباب توهم عد الفلسفة من العلوم الآلية هو ما فعله بعضهم من لي عنق النصوص وتأويلها لكي تنسجم مع المطالب الفلسفية وتحميل النصوص مطالبها وهي أبعد ما تكون عن النصوص فحسب من لا معرفة له بهذه الأمور أن ذلك التأويل من معاني النصوص وفهمها ، أو أنه مستوى من مستويات باطن النصوص ، وكأن كل تأويل هو من بواطن النصوص وأسرارها ! بعد ما غاب عنهم أن التأويل والكشف عن أسرار بواطن النصوص لا يؤخذ إلا من أهل البيت عليهم السلام وما سوى ذلك لا قيمة له إذ لا حجة عليه ، لأنه ليس كل معنى يخطر في الذهن يمكن جعله من تأويل النصوص ومعنى من معانيها  .

ومن عجائب العصور ومصائب الدهور أن يُجعل ما لدى الصوفية شارحاً للنصوص الدينية مع أن الأئمة عليهم السلام حذروا من منهم ومن معتقداتهم المخالفة للدين فكيف يُجعل الكلام المتباين شارحا لمباينه؟!   

وبعبارة مختصرة لا يمكن أن تكون الآراء والأفكار من العلوم الآلية ومن المقدمات لفهم النصوص لأنها وضعت بشكل مستقل لا شأن لها بها لكي تُتخذ وسيلة في معرفتها.

Comments (0)
Add Comment