مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (6)
قولان للعلامة المجلسي في التتمة وليس قولاً واحداً
إن لعلامة المجلسي له قولان في تتمة دعاء عرفة ، الأول في (بحار الأنوار) الذي مال فيه إلى كون التتمة من إنشاءات الصوفية وقد تقدم الكلام فيه . وله قول آخر في (مرآة العقول) نسب التتمة للإمام الحسين عليه السلام من غير تأمل وتردد حيث يقول : (كما قال سيد الشهداء عليهالسلام في دعاء يوم عرفة:كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عين لا تراك عليها رقيبا إلى آخر الدعاء)([1]).
وهذا يدل على مخالفة العلامة المجلسي لرأيه الذي ذكره في البحار لأن ما يُقطع بنسبته للتصوف ، أو ما يطمئن إليه بشكل معتد به لا يمكن نسبته للإمام الحسين عليه السلام إذ لا يجوز نسبة ما لغير الأئمة إليهم عليهم السلام ، ولا يجوز نسبة ما للأئمة لغيرهم عليهم السلام.أو القول بأن ما ذكره العلامة المجلسي في البحار كان على نحو الاحتمال الذي لا يرقى لنفي التتمة عن الدعاء وهذا هو الأوفق والأقرب لما ذكره هناك إذ لم يذكر ما يفيد الجزم بوضعها ، وإنما كغيرها من الأخبار الضعيفة التي لا يقطع بوضعها ويجوز نسبتها للأئمة عليهم السلام.
وعند عدم التعارض فيما ذكره في البحار ومرآة العقول لا تصل النوبة للبحث عن القول المتقدم منهما لأنه لا جدوى منه حينئذ .
وعلى القول بالتعارض لا يمكن الأخذ بما بذكره العلامة في البحار وإبرازه على أنه الرأي المختار لديه والإعراض عما ذكره في المرآة ، لأنه لا يقطع بتأخر رأيه في البحار ولا توجد قرينة تدل على ذلك ناهيك عما إذا قلنا بتأخر ما ذكره في مرآة العقول.
وقد يقال العلامة قال على مذاق الصوفية فكيف تقول ما يذكره يفيد احتمال الوضع لا الجزم به؟
والجواب : إن ما ذكره العلامة من احتمال الوضع يفيد كونه قرينة على ذلك كغيرها من القرائن التي تُذكر لاحتمال ضعف الخبر إلا أنها لم تصل إلى القطع بالواضع ، وكم من الأخبار ما يُذكر له الكثير من القرائن على الضعف والوضع ومع ذلك تبقى من حيث الصدور بمكان وما أُثير لا يرقى للقطع بالوضع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مرآة العقول،ج1،ص301.