مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (9)
دفع شبهة في تشابه كلام الأئمة مع غيرهم
إن لم نقل إن التتمة هي من كلام الإمام الحسين عليه السلام لربما يُقال : إذا كان يصعب التمييز بين كلامهم عليهم السلام وبين كلام غيرهم فهذا دليل على إمكان الإتيان بمثل كلامهم عليهم السلام ومن ثم لا يُقال كلامهم عليهم السلام دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ولن يُستدل على كلامهم بعلو المضمون.
والجواب على ذلك : هو أن البديهيات لا تخلو من شبهة والتباس ومع ذلك لا يخرج البديهي عن بداهته . ومما يجدر الالتفات إليه أن كلامهم عليهم السلام سواء كان في الأدعية أم غيرها مضامينه لم تكن على مستوى واحد ؛ فمنه ما لا يحصل التردد بعجز سائر البشر عن الإتيان بمثله ، ومنه ما يحصل فيها كلام بسبب ضعف التشخيص.وحينئذٍ ما يحصل من التباس وضعف في التشخيص والذي هو أشبه ما يكون بالتسرع في الحكم من غير نظر وتروي لا اعتبار به ، نظير ما أُثير حول التتمة مع أن من كان له اطلاع على تراث التصوف لأيقن بأنهم أعجز من الإتيان بها ، ولذا كان يقول السيد الطباطبائي والسيد الخميني وهما ممن غار في التصوف وعرف تراثه أن الصوفية أعجز من الإتيان بالتتمة.كما أن العلامة المجلسي هو أجل من أن يقطع بوضع التتمة ــ ما ذكره كان على نحو الاحتمال أو القرينة التي لا تفيد الجزم ــ وإن حاول بعضهم الإيهام بذلك.
المناسب للتصوف لفظا ومضمونا
إن الفقرات والنصوص المناسبة للتصوف يمكن تقسيمها إلى قسمين :
القسم الأول : الموافق والمناسب للتصوف من حيث المضمون ، كما لو كانت من المعاني الباطلة التي يجزم ببطلانها ، ، وفي هذا المورد لا تردد في وضعها ، وعدم صحة انتسابها للأئمة عليهم السلام ، وإن كان هذا القسم على نحو النزر اليسير ف بالنسبة للأخبار التي وصلت إلينا.
القسم الآخر : الموافق من حيث اللفظ مع خلوه من المعاني الباطلة والاعتقادات السقيمة.وهذا يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أمور :
الأمر الأول : اللفظ البين في مناسبته لما عند الصوفية والذي يركن إلى وضعه لذلك.
الأمر الثاني : الذي يحتمل مناسبته للتصوف وخلوه من حديث أهل البيت عليهم السلام على نحو الاحتمال المعتد به مما يوجب التردد الكبير في نسبة الوضع.
الأمر الثالث : الذي يشكل مناسبته للتصوف احتمالا ضعيفا وسبب الضعف هو لعدم تفرد الصوفية به وإنما جاء له نظير وفقرات مشابهة في الأحاديث والأدعية لما له من أصل في اللغة ولم يكن من مختصات الصوفية وما انفردوا به.