س : ما هو وجه الحكمة من الشرور في الدنيا ؟

 

س : ما هو وجه الحكمة من الشرور في الدنيا ؟

ج :  بعض الحِكَم قد يدركها الإنسان ويهتدي إليها من خلال الشرع أو العقل ولكن توجد حكمة أو حِكَم كثيرة لا يمكن للإنسان أن يتعقلها ، وقد بيَّن الإمام الصادق عليه السلام وجهاً من وجوه الحكمة في ذلك فيما رواه المفضل بن عمر :

 (إن هذه الآفات وإن كانت تنال الصالح والطالح جميعا . فإن الله عز وجل جعل ذلك صلاحا للصنفين كليهما ، أما الصالحون فأن الذي يصيبهم من هذا يزدهم نعم ربهم عندهم في سالف أيامهم فيحدوهم ذلك على الشكر والصبر ، وأما الطالحون فإن مثل هذا إذا نالهم كسر شرتهم وردعهم عن المعاصي والفواحش ، وكذلك يجعل لمن سلم منهم من الصنفين صلاحا ذلك ، أما الأبرار فإنهم يغتبطون بما هم عليه البر والصلاح ويزدادون فيه رغبة وبصيرة وأما الفجار فإنهم يعرفون رأفة ربهم ، وتطوله عليهم بالسلامة من غير استحقاق . فيحضهم ذلك على الرأفة بالناس ، والصفح عمن أساء إليهم . . ولعل قائلا يقول : إن هذه الآفات التي تصيب الناس في أموالهم ، فما قولك فيما يبتلون به في أبدانهم ، فيكون فيه تلفهم كمثل الحرق والغرق والسيل والخسف ؟ فيقال له إن الله جعل في هذا أيضا صلاحا للصنفين جميعا ، أما الأبرار فلما لهم في مفارقة هذه الدنيا من الراحة من  تكاليفها ، والنجاة من مكارهها ، وأما الفجار فلما لهم في ذلك من تمحيص أوزارهم ، وحبسهم عن الازدياد منها ، وجملة القول إن الخالق تعالى ذكره بحكمته وقدرته قد يصرف هذه الأمور كلها إلى الخير والمنفعة ، فكما أنه إذا قطعت الريح شجرة أو قطعت نخلة ، أخذها الصانع الرفيق ، واستعملها في ضروب من المنافع فكذلك يفعل المدبر الحكيم في الآفات التي تنزل بالناس في أبدانهم وأموالهم ، فيصيرها جميعا إلى الخير والمنفعة . . فإن قال ولم تحدث على الناس ؟ قيل له : لكيلا يركنوا إلى المعاصي من طول السلامة ، فيبالغ الفاجر في ركوب المعاصي ، ويفتر الصالح عن الاجتهاد في البر فإن هذين الأمرين جميعا يغلبان على الناس في حال الخفض والدعة والحوادث التي تحدث عليهم تردعهم وتنبههم على ما فيه رشدهم ، فلو خلوا منها لغلوا في الطغيان والمعصية ، كما غلا الناس في أول الزمان . حتى وجب عليهم البوار بالطوفان وتطهير الأرض منهم).توحيد المفضل،ص112

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.