ما هو أصل زيارة مسجد السهلة ليلة الأربعاء؟وهل مقامات الأنبياء في المسجد كانت معروفة؟
س : ما هو أصل زيارة مسجد السهلة ليلة الأربعاء؟وهل مقامات الأنبياء في المسجد كانت معروفة في زمن الأئمة عليهم السلام؟
ج : ذكر السيد ابن طاووس في مصباح الزائر : (إذا أردت أن تمضي إلى السهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء وهو أفضل من غيره من الأوقات)([1]).
وقد كان من دأب الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر زيارة مسجد السهلة ليلة الأربعاء حيث جاء في كتاب : (مع صاحب الجواهر وموسوعته) ما نصه : (اختار الشيخ صاحب الجواهر ليلة الأربعاء بناء على بعض روايات المحدثين الإمامية بظهور الإمام المهدي في مثل تلك الليلة، وكان الشيخ يأمر بالخيام والبسط والأمتعة لاستخدامها في وقت الاستراحة أثناء الطريق البالغ طوله عشرة كيلو مترات تقريبا من النجف إلى الكوفة حيث مسجد السهلة ويأمر بتهيئة الأطعمة وتوزيعها على الزائرين، ويركب الشيخ صاحب الجواهر ومن معه من الحاشية الخيول ويتبعهم كثير من الناس، واستمرت هذه السُنّة حتى عرفت بـ (عمل أربعين أربعاء)، بعدما ساد الاعتقاد بإمكانية الالتقاء بالإمام المهدي بعد إتمام الزيارة وممارسة طقوسها وشعائرها. وكان الناس يحضرون في تلك الليلة إلى مسجد السهلة، والصلاة خلف الشيخ صاحب الجواهر، الذي كان لا يؤم الناس غيره في ليلة الأربعاء من المجتهدين أو الأعلام الباقين)([2]).
وقد نقل الميرزا حسين النوري ــ صاحب مستدرك الوسائل ــ في كتابه (جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه السلام) خبر بعض الذين زاروا مسجد السهلة أربعين أربعاء وتشرفوا بلقاء الإمام المهدي عليه السلام([3]). ثم قال : (قد علم من تضاعيف تلك الحكايات أن المداومة على العبادة ، والمواظبة على التضرع والإنابة ، في أربعين ليلة الأربعاء في مسجد السهلة أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة أو الحائر الحسيني على مشرفه السلام أو أربعين ليلة من أي الليالي في أي محل ومكان ، كما في قصة الرمان المنقولة في البحار طريق إلى الفوز بلقائه عليه السلام ومشاهدة جماله ، وهذا عمل شائع ، معروف في المشهدين الشريفين ، ولهم في ذلك حكايات كثيرة ، ولم نتعرض لذكر أكثرها لعدم وصول كل واحد منها إلينا بطريق يعتمد عليه ، إلا أن الظاهر أن العمل من الأعمال المجربة ، وعليه العلماء والصلحاء والأتقياء ، ولم نعثر لهم على مستند خاص وخبر مخصوص ، ولعلهم عثروا عليه أو استنبطوا ذلك من كثير من الأخبار التي يستظهر منها أن للمداومة على عمل مخصوص من دعاء أو صلاة أو قراءة أو ذكر أو أكل شيء مخصوص أو تركه في أربعين يوما تأثير في الانتقال والترقي من درجة إلى درجة ، ومن حالة إلى حالة)([4]).
وأما مقامات الأنبياء في مسجد السهلة فقد جاء ذكر بعضها في خبر عن الإمام الصادق عليه السلام رواه ابن قولويه في كامل الزيارات والشيخ المفيد في المزار :
عن عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سمعته يقول لأبي حمزة الثمالي : يا أبا حمزة هل شهدت عمي ليلة خرج ، قال : نعم ، قال : فهل صلى في مسجد سهيل ، قال : وأين مسجد سهيل لعلك تعني مسجد السهلة ، قال : نعم ، قال : أما أنه لو صلى فيه ركعتين ثم استجار الله لأجاره سنة . فقال له أبو حمزة : بأبي أنت وأمي هذا مسجد السهلة ، قال : نعم فيه بيت إبراهيم الذي كان يخرج منه إلى العمالقة ، وفيه بيت إدريس الذي كان يخيط فيه ، وفيه مناخ الراكب ، وفيه صخرة خضراء فيها صورة جميع النبيين ، وتحت الصخرة الطينة التي خلق الله عز وجل منها النبيين)([5]).
والسيد ابن طاووس في مصباح الزائر عند أعمال مسجد السهلة أشار إلى بعض المقامات التي كانت معروفة في مسجد السهلة : (…ثم تصلي في الزاوية الغربية ركعتين وهو بيت إبراهيم الخليل الذي كان يخرج منه إلى العملاقة…ثم صل في الزاوية الغربية الأخرى ركعتين…ثم صل في الزاوية الشرقية ركعتين…ثم تصلي في البيت الذي في وسط المسجد ركعتين)([6]).
والسيد محمد مهدي بحر العلوم (ت:1212هـ) وضع محاريب بارزة فوق المحاريب القديمة كما ذكر السيد حسين البرقي (ت:1332هـ) في تاريخ الكوفة : (وضع محاريب فوق المحاريب الأصلية على صورة يراها اليوم كل قاصد ومرتاد)([7]).
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مصباح الزائر،ص105
[2] ) مع صاحب الجواهر وموسوعته،ص97.
[3] ) انظر جنة المأوى : (الحكاية الخامسة عشرة)،ص66. (الحكاية الثامنة عشرة)،ص72.( الحكاية الثامنة والخمسون)،ص145.
[4] ) جنة المأوى،ص166.
[5] ) كامل الزيارات،ص74. مزار المفيد،ص12.
[6] ) مصباح الزائر،ص105.
[7] ) تاريخ الكوفة،ص62.