الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي (8) خبر لنا مع الله حالات
الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي (8)
3 ـ لنا مع اللَّه حالات هو فيها نحن ونحن هو ومع ذلك هو هو ونحن نحن
نقله ابن أبي جمهور الأحسائي في هامش الطبعة الحجرية من المجلي حيث ذكر : (وعنهم عليهم السلام : (لنا حالات مع الله نحن هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن)([1]).
وهو لم يروَ في مصدر من مصادر الحديث ، وتناقلته كتب الفلاسفة والصوفية ، وأقدم من نقله بحسب ما رأيتُ : (مشارق الأمان ولباب حقائق الإيمان)([2]) للصوفي رجب البرسي (ت:813هـ) حيث رواه على أنه حديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله من غير ذكر سند ومصدر له.
ولا يمكن الركون لما تفرد بنقله البرسي ، يقول العلامة المجلسي في بداية البحار عند بيانه للمصادر التي أخذ منها أنه لم يعول على ما تفرد بنقله البرسي : (كتاب مشارق الأنوار ، وكتاب الألفين للحافظ رجب البرسي . ولا أعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع . وإنما أخرجنا منهما ما يوافق الأخبار المأخوذة من الأصول المعتبرة)([3]).
ونقله الفيض الكاشاني في عين اليقين وغيره من كتبه منسوبا للإمام الصادق عليه السلام : (مما ينسب إلى مولانا الصادق عليه السلام أيضا وإن لم أره في كتاب معتمد عليه ، أنه قال : ( لنا حالات مع اللّه ، وهو فيها نحن ، ونحن فيها هو ، ومع ذلك هو هو ، ونحن نحن)([4]).
ونقله الفيض في الكلمات المكنونة عند عنوان : (معنى الفناء في الله والبقاء بالله) حيث يقول : (روي عنه عليه السلام أنه قال:(لنا حالات مع اللَّه وهو فيها نحن ونحن فيها هو ومع ذلك هو هو ونحن نحن)([5]).
ونقله القاضي سعيد القمي (ت:1107هـ) على أنه خبر مروي عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول : (روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : (إن لنا مع اللّه حالات هو فيها نحن ، ونحن هو ، ومع ذلك هو هو ونحن نحن)([6]).
والشيخ أحمد الأحسائي في شرح الزيارة الجامعة نسبه للإمام الصادق عليه السلام قائلاً:(أشار الصادق عليه السلام بقوله:(لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو نحن إلا أنه هو هو ونحن نحن)([7]).
ونقله هادي السبزواري في شرح المثنوي ، والسيد الخميني في شرح دعاء السحر ، ومصباح الهداية على أنه خبر مروي([8]).
وابن عربي ذكره في الفتوحات ولكن ليس على أنه خبر مروي : (لا يعقلون تارة يقولون نحن نحن وهو هو وتارة يقولون هو نحن ونحن هو وتارة يقولون لا نحن نحن)([9]).
وبعد ذلك تبيَّن أنه من حيث المصدر أمره مريب جداً ، ومعناه أشد غرابة من مصدره ؛ وعلى هذا ليس من الصحيح التفكر في معناه ، أو محاولةُ إيجادِ له معنى صحيحٍ .
والسيد شهاب الدين المرعشي رد الخبر ووصفه من المناكير وطعن على من نقله : (رأيت بعض من كان يدعي الفضل منهم يجعل بضاعة ترويج مسلكه أمثال ما يعزي إليهم عليهم السلام (لنا مع الله حالات فيها هو نحن ونحن هو) وما درى المسكين في العلم والتتبع والتثبت والضبط أن كتاب مصباح الشريعة وما يشبهه من الكتب المودعة فيها أمثال هذه المناكير مما لفقتها أيادي المتصوفة في الأعصار السالفة وأبقتها لنا تراثا)([10]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مجلي مرآة المنجي،ج5،ص1686،و ج2،ص737.
[2] ) مشارق الأمان ولباب حقائق الإيمان،ص75.
[3] ) بحار الأنوار،ج1،ص10.
[4] ) عين اليقين،ج2،ص277.
[5] ) الكلمات المكنونة،ص147.
[6] ) شرح الأربعين،ص213.
[7] ) شرح الزيارة الجامعة،ج2،ص155.
[8] ) شرح المثنوي،ج1،ص349. شرح دعاء السحر،ص103.مصباح الهداية،ص124.
[9] ) الفتوحات المكية،ج4،ص279.
[10] ) شرح إحقاق الحق،ج1،ص398.