خرافات فلسفية (21) خرافة الشيء ما لم يجب لم يوجد

 

خرافات فلسفية (21)
خرافة الشيء ما لم يجب لم يوجد
إن هذه القاعدة الفلسفية من موارد الجدل ومؤاخذات المتكلمين الشديدة على الفلاسفة حيث تعني تحقق المعلول عند وجود علته بالضرورة ، وعلى ما أفاد بعضهم عدم إمكان تخلف المعلول عن علته ، وعلى تصوير البعض ضرورة المعلول الموجبة لوجوده وهي على كل هذه المعاني وما شابهها تسلب القدرة عن الله عز وجل.
يقول بعض شراح النهاية في بيان معناها : (الشيء ما لم يجب لم يوجد والمراد من هذه القاعدة أن العلة كما تعطي الوجود للمعلول ، تعطي الوجوب والضرورة أيضاً ، أي إذا تحققت العلة التامة لا يبقى المعلول على إمكانه وتساوي نسبته إلى الوجود والعدم ، بل ليس له إلا أن يوجد بالضرورة . وهو مختار المحققين من الفلاسفة والمتكلمين)([1]).
والزارعي شرح القاعدة بشرح غير تام لمورد الجدل بقوله : (معناه أن الممكن بالذات ما لم يجب بالغير لم يوجد)([2])حيث لم يبيّن وجوب الغير على نحو الاختيار أو الاضطرار الموجب للتحقق.
ووجود الضرورة في المعلول الموجبة لتحققها أشار إليه أحد أنصار الحكمة المتعالية قائلا : (الفلاسفة بشكل واضح وصريح بلا مجال للتشكيك قالوا سواء كانت الغاية والحكم مختلف أو كانت الغاية والحكم واحد فالمرجح لا يكفي أن تكون الإرادة وإعمال السلطنة والاختيار ، لأن الفاعل فاعل مختار فهل يكفي أن الإرادة تكون مرجحة أو لا يكفي؟ قالوا : لا يكفي ذلك . إذن من المرجح ؟ قالوا : لابد من وجود خصوصية سواء يريد أن يختار أحد الطرفين في المورد الأول ، لابد من مرجح وراء الإرادة ، أو يريد أن يختار أحد الفردين في المورد الثاني لابد من مرجح وراء الإرادة. هذا البحث بشكل واضح وصريح ملا صدرا في (الأسفار،ج2،ص208) يقول : (وفرقة زعمت أن الله سبحانه خصص الأفعال بأحكام مخصوصة من غير أن يكون في طبائع الأفعال ما يقتضي تلك الأحكام).
والسيد الطباطبائي بيّن اعتراض المتكلمين من أن القاعدة توجب سلب القدرة عن الله عز وجل ثم رده إلا أن رد الاعتراض أقره (الاعتراض) بصورة أخرى وإليك بيانه ورده على ما قرره الفياضي حيث يقول : قوله قدس سره : (يستلزم كون العلة على الإطلاق موجبة – بفتح الجيم – غير مختارة) بيان الاستلزام على مذاقهم هو : أن الفاعل المختار هو ما يصح منه الفعل والترك ، فيستوي نسبة الفاعل المختار إلى الفعل والترك ، ويقابله الفاعل الموجب ، وهو ما أوجب عليه الفعل فلا يجوز منه الترك ، فإن تم وجوب وجود المعلول بسبب وجود العلة استلزم كون نسبة كل معلول إلى علّته هي نسبة الوجوب ، وهو معنى كون العلّة موجبة غير مختارة . ودفعه المصنف قدس سره في مواضع من هذا الكتاب وكذا في مواضع من بداية الحكمة بأن الوجوب الحاصل أثر العلة فيمتنع أن يؤثّر في العلة ويجعلها موجبة . وتوضيحه على ما قرره شيخنا الأستاذ – دام ظله – هو أن الفاعل الموجب هو ما أوجب عليه الفعل ، ووجوب وجود المعلول بالعلة يستلزم كون العلة يجب منه الفعل . وما أبعد بين قولنا : أوجب عليه الفعل وقولنا : وجب منه الفعل ؛ فإن الوجوب إذا كان أثرا من العلة ومعلولالها امتنع أن يؤثر في علتها ويجعلها موجبة ، هذا . ولك أن تقول : إن الفاعل المختار يستوي نسبته إلى الفعل والترك بالنظر إلى ذاته ، وأما إذا اختار أحدهما فإنه يجب . وبعبارة أخرى استواء النسبة والإمكان إنما هو بالنسبة إلى الفاعل بما أنه فاعل ، وأما بالنسبة إلى العلة التامة التي هي محل الكلام فالمعلول واجب([3]).
وأستاذ الفياضي يرى أن الوجوب منتزع من وجود العلة كما نقل الفياضي : شيخنا الأستاذ – دام ظله – أيضا مخالف لما ذكره المصنف قدس سره ولكنه – دام ظله – يقول : إن هذا الوجوب منتزع من وجود العلة ، وهو وصف لها بالذات ، ويتصف به المعلول من باب الوصف بحال المتعلق . وهو مختار الرازي في المباحث المشرقية أيضا([4]).
وأما رد الاعتراض من قِبل السيد الطباطبائي على ما قرره الزارعي : (إن وجوب وجود المعلول إنما يستلزم كون العلة موجَبة غير مختارة فيما إذا كان وجوب المعلول مستندا إلى ذات المعلول ، ولكن الحق أنه كما كان وجود المعلول وجودا غيريا – مستندا إلى العلة ، وما لم يتعلق إيجاد به من العلة لم يوجد – كذلك كان وجوب المعلول وجوبا غيريا ، وما لم يجب المعلول بإيجابه من العلة ولم يخرج من حد الاستواء بأمر وراء ذاته لم يتلبس بالوجوب . فالوجود والوجوب كلاهما مستند إلى العلة ، فيكونان في اختيارها ، غاية الأمر اختيار الوجود من العلة تتوقف على اختيار الوجوب منها)([5])
فتأمل قوله : (غاية الأمر اختيار الوجود من العلة تتوقف على اختيار الوجوب منها) الذي يرى اختيار وجود المعلول من العلة بسبب الوجوب المتحقق للعلة.
وقال عبد الرزاق اللاهيجي في محل النزاع ما بين المتكلمين والفلاسفة في كيفية صدور الفعل عن الله عز وجل : (قال بعض أفاضل المتأخرين من أصحابنا : الذي علم من مقالات الفريقين اتفاقهما على القول بالاختيار ، لأن كلا منهما يقول : إنه تعالى فاعل مع الشعور بما يصدر عنه ولا يكون فاعلا بالطبيعة ، بل الظاهر أن اختلافهم إنما هو في كيفية صدور الأثر عنه تعالى . فعند الفلاسفة إنما هو على سبيل المقارنة وعدم جواز التأخير ، لكونه فاعلا بالاستقلال ، فلا يتوقف صدور الفعل عنه على شيء مغاير لذاته سوى القابل ، وهو متحقق دائما وأزلا ، إذ الإمكان متحقق دائما ؛ وإلا لزم الانقلاب . والماهية القابلة لفيض الوجود متحقق في علمه تعالى ، فالفعل حينئذ غير مسبوق بشيء سوى العلة ، لعدم تصور شيء هناك غيرها ، لا وقت ولا شرط ولا حال : إذ العدم المحض لا يوصف بشيء من ذلك ، فتعين الوجود . وعند المتكلمين أن الداعي شرط تحقق التأثير فيتوقف تأثير المؤثر عليه ، فعند وجوده يتعين الوجود ، وقبل وجوده لا يتعين ، والداعي لا يكون متوجها إلى موجود ، بل إلى معدوم يتجدد بتجدد الداعي ، فيجب أن يكون الفعل مسبوقا بالعدم)([6]).
وقاعدة (الشيء ما لم يجب لم يوجد) ومحل الخلاف بين المتكلمين والفلاسفة بُيّن بعدة صور ومن خلال أكثر من حيثية لأن الخلاف الدائر متشعب الأطراف ، وقد رأيتُ من بحثها بشيء من التفصيل والإلمام أنقل كلامه استيفاءً للمرام وإيضاحا لما تقدم من الكلام : (هذه مسألة هامة جدا وقد أصبحت من أهم معارك الآراء الفلسفية والأنظار الكلامية ، والتضارب فيها شديد جدا بحيث نسب طائفة إلى الجهل والضلال ، وابتلي فرقة بالتكفير والتفسيق . وتصوير النزاع في هذه المسألة : أن الواجب الوجود هل يتمكن من ترك الفعل أو لا ؟ وإن شئت فقل : إن ما يصدر عنه هل هو واجب منه أم لا ؟ بل يمكنه الترك والفعل معا ، فلا وجوب للفعل منه ، وإنما الوجوب بعد تعلق إرادته ، فإن الشيء ما لم يجب لم يوجد . وبكلمة أوضح بيانا : لا شك عند الموحدين أن اللّه مختار في خلقه وفعله ، لكن هل اختياره من سنخ اختيار الحيوان الذي هو بمعنى له أن يفعل وله أن لا يفعل ، أم لا بل هو من سنخ آخر ؟ المتكلمون على الأول ، والفلاسفة على الثاني ؛ وحيث إن البحث عنه مهم جدا نبدأ بنقل ما أفاده الباحثون من الطرفين فيها حتى تتضح المسألة المذكورة حق وضوحها ، ولنكن حين الاستدلال والاختيار على بصيرة تامة من أمرنا … قال الحكيم اللاهجي في شوارقه : إنه تعالى قادر مختار ، بمعنى أنه يتمكن من الفعل والترك ، بمعنى أنه تعالى بحيث قد يتخلّف عنه الفعل ، فإن القدرة بهذا المعنى هو المتنازع فيه بين المتكلمين والحكماء . وأما القدرة بمعنى كونه بحيث يصح منه فعل العالم وتركه بالنظر إلى ذاته تعالى ، أو بمعنى كونه بحيث إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل ، فمتفق عليه بين الفريقين…إلى أن قال : فالنزاع إذن ليس في معنى القدرة الذي هو المفهوم الشرطي بل في وجوب وقوع مفهوم المقدم وعدم وجوبه([7]). قال العلامة الحلي قدس سره في ضمن كلام له : (لزم خروج الواجب تعالى عن كونه قادرا ويكون موجَبا ، وهذا هو الكفر الصريح ؛ إذ الفارق بين الإسلام والفلسفة إنما هو هذه المسألة)([8]). قال في شرح المواقف : (أي يصح منه إيجاد العلم وتركه ، فليس شيء منهما لازما لذاته بحيث يستحيل انفكاكه عنه ، وإلى هذا ذهب المليون كلهم ، وأما الفلاسفة فإنهم قالوا : إيجاده للعالم على النظام الواقع من لوازم ذاته فأنكروا القدرة بالمعنى المذكور … وأما كونه تعالى قادرا بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل فهو متفق عليه بين الفريقين)([9]). قال القوشجي في شرح التجريد : (ذهب المليون قاطبة إلى أن تأثير الواجب في العالم بالقدرة والاختيار على معنى أنه يصح منه فعل العالم وتركه وذهب الفلاسفة إلى أن تأثيره فيه بالإيجاب)([10]). وكذا الأصبهاني في شرحه مطالع الأنظار على طوالع الأنوار … هذه نبذة من كلماتهم في المسألة ، وهي تدلك على حقيقة القولين المذكورين دلالة واضحة ، ولمزيد تنقيح البحث نذكر ما يستفاد من هذه التعابير ، وهو أمور :
الأول : إن البحث ليس بلفظي كما توهم ، ولا ملازمة بين القولين أصلا كما زعم ، فإن المتكلمين يعتبرون الصحة التي هي الإمكان في تعريف القدرة ، والفلاسفة ينكرونها أشد الإنكار .
فالتعريف الأول – وهو صحة الفعل والترك – صحيح عند أصحاب الكلام وباطل بزعم أرباب الفلسفة ، وأما التعريف الثاني – وهو إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل – فهو ينطبق على كلا المسلكين ، فإن صحة الشرطية لا تنافي ضرورة المقدم وامتناع التالي ولا إمكانهما ، فالمتكلم على الثاني والفلسفي على الأول .
الثاني : اعتراف الحكماء بصحة تعريف المتكلمين في الذي كان إرادته زائدة على ذاته ، وكان داعيه أمرا مباينا ، فإن الفعل بالنظر إلى ذاته من حيث هي ممكن الصدور والترك ، والخلاف فيمن كان إرادته وداعيه عين ذاته بلا فرق أبدا .
الثالث : ضرورة العالم بالنسبة إلى ذاته تعالى من حيث هي ذاته وعدم إمكان تخلّفه عنها – سواء كان إمكانا ذاتيا أو وقوعيا – فضلا عن وقوع الترك كما ظهر من كلام الأسفار وشرح المنظومة ، فما تقدم من الشوارق من أن القدرة بمعنى كونه بحيث يصح منه فعل العالم وتركه بالنظر إلى ذاته ، أو بمعنى كونه بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، فمتفق عليه بين الفريقين ، ساقط جدا فإن فعل العالم بالنسبة إلى ذاته تعالى ضروري عند الحكماء فأين الاتفاق ؟ نعم التعريف الثاني متفق عليه بينهما على نحو ما عرفت .
الرابع : معنى اختيار الواجب عند الحكماء هو صدور الفعل عنه مقارنا للعلم والرضاء فقط ، ولا يعتبرون إمكان التخلف فيه ولو إمكانا ذاتيا ، بل يرون امتناعه كما مر ، وهذا بخلاف المتكلمين ، فإنهم يرون وقوع التخلف شرطا في مفهوم الاختيار كما يظهر من عبارة المحقق الطوسي ، أو إمكان التخلف إما ذاتيا أو وقوعيا كما نقله السبزواري عن بعضهم .
أقول : فلإيجاب عند الأولين هو صدور الفعل من غير العلم والرضاء به ، وعند الآخرين صدوره بلا جواز تخلفه ، فالحكيم إذا ادّعى أن الواجب القديم مختار يعني به : أنه عالم بصدور فعله عنه ، وليس كالشمس في إشراقها والنار في إحراقها …. إصرار السبزواري وغيره على أنه موجب – بالكسر – لا موجب – بالفتح – واستيحاشهم من التصريح بما هو صميم مذهبهم من إيجابه وعدم اختياره ، شيء عجيب جدا ، لا ندري ما الذي دعاهم إلى إخفاء مسلكهم في هذا المقام.انتهى كلامه
إن الفلاسفة يخشون التصريح بمعتقدهم في قاعدة : (الشيء ما لم يجب لم يوجد) وكان ما ذكروه فيها يكتنفه الغموض تجنبا للتكفير ، ومن جهة أخرى مع أن ما ذكروه يستلزم سلب القدرة عن الله عز وجل إلا أنهم مع ذلك يصرون على أنه موجب ــ بالكسر للجيم ــ غير موجب بالفتح.
وكيفية صدور الفعل عن الله عز وجل وبأي موجِب كان ما لا تسعه عقول البشر ولو سُئل أحد الأنبياء عليهم السلام بهذا السؤال لتوقف عن الإجابة حتى يسترشد الوحي فما بال هؤلاء الفلاسفة يظنون بإمكانهم معرفة حقائق كل شيء وإن كانت مختصة بالخالق عز وجل ولا غرابة منهم وهم الذين بحثوا كيفية علم الله بنفسه وعن كيفية علمه بالأشياء !
ومن الطرائف أن تجد من أقحم هذه القاعدة في بعض المباحث الأصولية ومما تقدم في معنى القاعدة ومورد الجدل فيها يُعلم أي زلل فكري وقع فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) شرح نهاية الحكمة لكمال الحيدري،ج1،ص101.
[2] ) نهاية الحكمة،ج1،ص98.
[3] ) نهاية الحكمة،ج1،ص230.
[4] ) نهاية الحكمة،ج1،ص236.
[5] ) نهاية الحكمة،ج1،ص98.
[6] ) شوارق الإلهام،ج5،ص85.
[7] ) شوارق الإلهام،ج،ص81ـ85. ولكن اللاهيجي ذكر كلام صاحب المواقف الذي يدل على إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل على نحو من الاضطرار للفعل حيث يقول : (قال شارح المواقف : وأما كونه تعالى قادرا بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، فهو متّفق عليه بين الفريقين إلا أن الحكماء ذهبوا إلى أن مشية الفعل الذي هو الفيض الوجودي لازمة لذاته كلزوم العلم وسائر الصفات الكمالية فيستحيل الانفكاك بينهما). شوارق الإلهام،ج،ص85.
وقال اللاهيجي أيضا : (قال بعض أفاضل المتأخرين من أصحابنا : الذي علم من مقالات الفريقين اتفاقهما على القول بالاختيار ، لأن كلا منهما يقول : إنه تعالى فاعل مع الشعور بما يصدر عنه ولا يكون فاعلا بالطبيعة ، بل الظاهر أن اختلافهم إنما هو في كيفية صدور الأثر عنه تعالى . فعند الفلاسفة إنما هو على سبيل المقارنة وعدم جواز التّأخير ، لكونه فاعلا بالاستقلال ، فلا يتوقف صدور الفعل عنه على شيء مغاير لذاته سوى القابل ، وهو متحقّق دائما وأزلا ، إذ الإمكان متحقّق دائما ؛ وإلا لزم الانقلاب . والماهية القابلة لفيض الوجود متحقّق في علمه تعالى ، فالفعل حينئذ غير مسبوق بشيء سوى العلة ، لعدم تصور شيء هناك غيرها ، لا وقت ولا شرط ولا حال : إذ العدم المحض لا يوصف بشيء من ذلك ، فتعين الوجود . وعند المتكلمين أن الداعي شرط تحقق التأثّير فيتوقف تأثير المؤثر عليه ، فعند وجوده يتعين الوجود ، وقبل وجوده لا يتعين ، والداعي لا يكون متوجها إلى موجود ، بل إلى معدوم يتجدد بتجدد الداعي ، فيجب أن يكون الفعل مسبوقا بالعدم).شوارق الإلهام،ج5،ص85.
[8] ) نهج الحق،ص124.
[9] ) شرح الجرجاني على كتاب المواقف للإيجي،ج3،ص79.
[10] ) شرح القوشجي على التجريد/الفصل الثاني في صفاته تعالى وجود العالم بعد عدمه.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.