خرافات فلسفية (28) خرافة ملازمة الإسكندر المقدوني لأرسطو طاليس

 

خرافات فلسفية (28)
خرافة ملازمة الإسكندر المقدوني لأرسطو طاليس
[وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا][ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا]([1]).
وقع خلاف هل الإسكندر هو ذو القرنين أم أن الإسكندر غير ذي القرنين ، يقول المسعودي : (الإسكندر وذو القرنين وقد تنازع الناس فيه : فمنهم من رأى أنه ذو القرنين ، ومنهم من رأى أنه غيره)([2]).
ويقول أحمد بن سهل البلخي : (قد اختلفوا في ذي القرنين أهو الإسكندر الرومى أم غيره)([3]).
هذا من حيث هل أن الإسكندر هو ذو القرنين أم غيره ، ووقع كلام آخر في أن الإسكندر الملك المذكور في القرآن الكريم غير الإسكندر الأفروديسي ، يقول ابن النديم الإسكندر الأفروديسي غير الإسكندر الملك المذكور في القرآن الكريم : (الإسكندر الأفروديسي وكان في أيام ملوك الطوائف بعد الإسكندر)([4]).
وأيضا ابن أبي أصيبعة (ت:٦٦8هـ) يقول أن الإسكندر الأفروديسي غير الإسكندر الملك : (الإسكندر الأفروديسي الدمشقي كان في أيام ملوك الطوائف بعد الإسكندر الملك)([5]).
وروى ابن كثير في البداية والنهاية أن الإسكندر هو ذو القرنين ولكنه غير إسكندر بن فيلبس الذي كان مشركاً ووزيره أرسطاطاليس : (إسكندر هو ذو القرنين وأبوه أول القياصرة وكان من ولد سام بن نوح عليه السلام . فأما ذو القرنين الثاني فهو إسكندر بن فيلبس بن مصريم بن هرمس بن مطيون بن رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن يونة بن شرخون بن رومة بن شرفط بن توفيل بن رومي بن الأصفر بن يقز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل كذا نسبه الحافظ ابن عساكر في تاريخه . المقدوني اليوناني المصري باني إسكندرية الذي يؤرخ بأيامه الروم ، وكان متأخرا عن الأول بدهر طويل كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة وكان أرسطاطاليس الفيلسوف وزيره وهو الذي قتل دارا بن دارا وأذل ملوك الفرس وأوطأ أرضهم . وإنما نبهنا عليه لان كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد ، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطاطاليس وزيره فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير ، فإن الأول كان عبدا مؤمنا صالح وملكا عادلا وكان وزيره الخضر ، وقد كان نبيا على ما قررناه قبل هذا. وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة . فأين هذا من هذا لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور)([6]).
إن المؤرخين ذكروا عدة أشخاص يسمون بالإسكندر وليس شخصا واحدا والكلام في ذلك كثير جدا . ولكن مما يقطع به على نحو الجزم واليقين أنه لا يوجد دليل يمكن الركون إليه في إثبات أن ذا القرنين المذكور في القرآن الكريم كان ملازما لأرسطو طاليس أو غيره من الفلاسفة ، والقول بملازمته لأرسطو يكشف عن عدم دراية وقلة تتبع . بل ذكر ابن كثير أن الإسكندر الذي كان أرسطاطاليس وزيره هو غير الإسكندر المذكور في القرآن الكريم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) سورة الكهف:83ـ84.
[2] ) مروج الذهب، ج١،ص ٣١٨ .
[3] ) البدء والتاريخ،ج3،ص٤٦.
[4] ) الفهرست،ص٣١٣.
[5] ) عيون الأنباء في طبقات الأطباء،ص١٠٦.
[6] ) البداية والنهاية،ج ٢،ص١٢٥.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.