(15) س : هل كتاب حديقة الشيعة للمقدس الأردبيلي؟
(15) س : هل كتاب حديقة الشيعة للمقدس الأردبيلي؟
ج : كتاب (حديقة الشيعة) للمقدس الأردبيلي (ت:993هـ) باللغة الفارسية وهو مجلدان الأول مفقود والثاني في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ومناقبه وفي حياة سائر الأئمة عليهم السلام وردود على الصوفية وعقائدهم ومطاعن بعض الصحابة.
وقد أشار السيد محمد باقر الخوانساري (ت:1313هـ) في روضات الجنات إلى فقد مجلده الأول ووصول مجلده الثاني عند حديثه عن الكتاب : (ما يوجد في مجلده الثاني الذي هو بين أظهرنا في هذا الزمان)([1]).
ولكن توجد بعض الحيثيات التي بسببها توهم بعضهم عدم صحة نسبة الكتاب للمقدس الأردبيلي فتردد في نسبة الكتاب لما التبس عليه ، كما أن الصوفية حاولوا التمسك بتلك الحيثيات لأجل نفي الكتاب عنه لما فيه من ذم شديد على الصوفية وعقائدهم ولما فيه من أخبار عن أهل البيت عليهم السلام تذمهم وتبين عقائدهم الباطلة ، وإليك أهم ما أثير في ذلك :
يقول الحر العاملي (ت:1104هـ) مؤيدا نسبة الكتاب للأردبيلي من خلال عدة وجوه : إن بعض الصوفية الآن ومن يميل إلى طريقتهم ربما ينقصون قدر المولى الجليل ملا أحمد الأردبيلي وهو أجل قدرا من ذلك وبعضهم ينكر نسبة هذا الكتاب إليه أعني حديقة الشيعة وذلك باطل من وجوه : أحدها : إنها شهادة على النفي فلا تقبل قطعا لأنه غير محصور وعدم علم النافي لا يدل على العدم .
وثانيها : كثرة نسخه وشهرته ونسبته إلى مؤلفه دون غيره مع قرب العهد .
وثالثها : إن ذلك لا نظير له إذ لم يحصل الاختلاف في نسبة شيء من الكتب إلى مؤلفها مع بعد الأزمان فما الداعي إلى وضع كتاب ونسبته إلى مثل هذا العالم الصالح مع قرب العهد ؟!
ورابعها : إنك لا تجد أحد ينكره غير الصوفية ومن يميل إليهم وإنكارهم محل تهمة لا تقبل .
وخامسها : إنه ليس فيه ما ينكر بل يشتمل على تحقيق وتدقيق لا يليق بغير من نسبه إليه .
وسادسها : إن الذي يدعون أنه قرينة على عدم صحة نسبته لا يدل على ذلك مع احتمال كونه زيادة من الصوفية الآن في بعض النسخ لإيهام الطعن فيه وذلك مواضيع يسيرة جدا متميزة عن أسلوب الكتاب توجد في بعض النسخ دون بعض والله أعلم([2]).
وقال أيضا في : (أمل الآمل) حول إثبات نسبة الكتاب للأردبيلي : (المولى الأجل الأكمل أحمد بن محمد الأردبيلي . كان عالما فاضلا مدققا عابدا ثقة ورعا عظيم الشأن جليل القدر معاصرا لشيخنا البهائي ، له كتب منها : شرح الارشاد كبير لم يتم ، وتفسير آيات الأحكام ، وحديقة الشيعة ، وغير ذلك . وذكره السيد مصطفى بن الحسين التفرشي في كتاب الرجال فقال : أمره في الجلالة والثقة والأمانة أشهر من أن يذكر وفوق ما يحوم حوله عبارة ، كان متكلما فقيها عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة ، أورع أهل زمانه وأعبدهم وأتقاهم ، له مصنفات منها كتاب آيات الأحكام جيد حسن ، توفي في شهر صفر سنة 993)([3]).
والحر العاملي في : (إثبات الهداة) نقل كثيرا عن حديقة الشيعة بعد جزمه وعدم تردده في كونه للأردبيلي ، كما أنه أثبت صحة الكتاب إليه وأبطل الشكوك حول نسبته في الاثنا عشرية كما تقدم.
ويقول العلامة النوري (ت:1320هـ) في خاتمة المستدرك عن صحة انتساب كتاب حديقة الشيعة للأردبيلي ورد ما أثاره الخوانساري في روضات الجنات : (مما يناسب هذا المقام بل يجب التعرض له بيان صحة نسبة كتاب حديقة الشيعة إليه كما هو المشهور وصرح به في أمل الآمل([4]) ، وأكثر النقل عنه في رسالة([5]) التي رد فيها على الصوفية معبرا عنه بقوله : أورد مولانا الفاضل الكامل العامل المولى أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة . . إلى آخره . والمحدث البحراني في اللؤلؤة ، ونقله أيضا عن شيخنا المحدث الصالح عبد الله بن صالح ، والشيخ العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني وغيرهم ، قال : فلا يلتف إلى إنكار بعض أبناه هذا الوقت أن الكتاب ليس له وأنه مكذوب عليه ، ونقل ذلك عن الآخوند المجلسي ولم يثبت) والنقاد الخبير صاحب رياض العلماء كما يأتي وهؤلاء الخمسة ([6] ). من أساتيذ هذا الفن وكفى بهم شاهدا ، ويؤيد ما ذكروه ما في الكتاب من الحوالة إلى كتابه زبدة البيان في شرح آيات أحكام القرآن … ومثله في التأييد الحوالة في الكتاب إلى شرح الإرشاد … ثم إن من عجيب السرقة التي وقعت لبعض من لم يجد بزعمه وسيلة إلى جلب الحطام إلا التدثر بجلباب التأليف ، لأن لم يكن له حظ في الكلام ، أنه سافر إلى الهند وسكن بلدة حيدر آباد في عهد السلطان عبد الله قطبشاه الإمامي ، وصار من خدمه وأعوانه على ما مزح به نفسه ، ثم عمد إلى كتاب حديقة الشيعة فأسقط الخطبة وثلاثة أسطر تقريبا من بعدها ، ثم كتب خطبة وذكر بعدها ما حاصله : إن الإمامة من أهم أمور الدين ، فوقع في خاطري أن أكتب رسالة على حدة في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، ونفي الخلافة عن أعدائه بالفارسية – ثم جعلها هدية إلى السلطان المذكور أداء لبعض حقوقه عليه وعلى ولده ومن يتعلق به – ثم قال : رتبتها على مقدمة وباب وخاتمة . وذكر في المقدمة أصلين ، وفي الباب اثنى عشر فصلا ، وفي الخاتمة نكتا متفرقة ، وذكر فهرست ما في الفصول ، ثم شرع في السرقة من دون تعب ومشقة في تلخيص أو إيجاز أو تغيير عبارة ، إلا في مواضع قليلة أسقط بعض الكلمات أو زاده ، وأدرج فيه بعض الأشعار . نعم أسقط في أحوال الصادق عليه السلام تمام ما يتعلق بأحوال الصوفية وذمهم لميل السلطان إليهم . ثم إنه لما وصل إلى المواضع التي أشرنا إليها أن المولى الأردبيلي أحال المطلب إلى بعض مؤلفاته ، رأى أن في إسقاطه إخلالا بالكلام ، وفي إبقائه خوف الافتضاح ، فلعل الناظر يسأله عن تلك المؤلفات . فقال في الأصل الأول : مولانا أحمد أردبيلي در رسالة إثبات واجب فرموده كه امام شخصي است . . إلى آخر ما في الحديقة . وقال في شرح سورة (هل أتى) : وملا أحمد أردبيلي در شرحي كه بر ارشاد فقه نوشتة گفته است كه ايثار حضرت أمير عليه السلام . . إلى آخر ما في الحديقة .وقال في أحوال الحجة عليه السلام : علامهء أردبيلي در اعتقادات خود نوشته كه اعتقاد بايد كرد . . إلى آخر ما مر وآخر ما في الحديقة . ثم اسقط من آخر الحديقة أسطرا ، وشرع في مدح السلطان شاه إسماعيل أول السلاطين الصفوية والسلطان المذكور ، وأنشأ أبياتا أوله : شكر حق را . كه أين خجسته كتاب كه در أو نيست غير صدق وصواب إلى أن قال : بود بنجاه وهشت بعد هزار كه بپايان رسيد أين گفتارانتهى ما أردنا نقله من هذا الكتاب المسروق الذي من تأمله لا يرتاب في كون الحديقة للمولى المذكور . وعندي رسالة بالفارسية ألفت في حياة المولى المزبور وأولها – بعد الحمد والصلاة – : أفا بعد : بدان أي ولى مؤمن كه چون أين فقير از مطالعه كتاب حديقة الشيعة كه از مصنفات علامهء أردبيلي است فارغ گرديد جمعي از دوستان التماس نمودند كه با بيرا كه در بيان مذاهب وعقايد صوفية است از آن كتاب انتخاب نمايد ايجابا ” لملتمسهم بترقيم آن پرداخت وآنرا رسالهء منفرده ساخت پس بايد دانست كه علامهء زمانه ومتبحر يكانه مولانا احمد أردبيلي خلد الله تعالى أيام إفاداته وأيد أوقات إفاضاته در آن كتاب در ضمن حالات حضرت إمام جعفر صادق عليه السلام بتقريبي ميفرمايد إلى آخره . وذكر الكاتب في آخر الرسالة : از فضل ايزد متعال بتاريخ بيست وهشتم شهر شوال أين رسالة متبركه باتمام رسيد سنة 1169 يكهزار ويكصد وشصت ونهم از هجرت نقل از كتاب خط تقوى شعاري ميرزا احمد شيرازي سلمه الله الغنى مطابق سنهء سيم از جلوس عالم گير شاهى انتهى . مع أنه يكفي في هذا المقام تصريح أستاذ هذا الفن العالم المتبحر الخبير البارع الأميرزا عبد الله الأصفهاني ، قال في رياض العلماء في ترجمة العطار المعروف : قال محمد بن غياث الدين محمد المشهور بجلال الدين أمير سيد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولى أحمد الأردبيلي بالفارسية إلى آخره . وقال أيضا في ترجمة الشيخ الجليل نصير الدين عبد الله بن حمزة الطوسي : ومن مؤلفات هذا الشيخ كتاب إيجاز المطالب في إبراز المذاهب ، نسبه إليه السيد جلال الدين محمد بن غياث الدين محمد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولى أحمد الأردبيلي ، وبنقل عنه : إلى آخره وفيه قرينة أخرى على صحة النسبة كما لا يخفى([7]).
وبعد ذلك يواصل العلامة النوري في بيان ما أثاره الخوانساري حول نسبة حديقة الشيعة للأردبيلي ورده حيث يقول : (فمن الغريب بعد ذلك كله ما في الروضات بعد نقل صحة النسبة عن المشايخ الأربعة المتقدمة : وقد نفاها بعضهم – ونقل ذلك عن سمينا المجلسي ولم يثبت عنه – لفقد الدليل عليها ، ولكثرة نقله عن الضعاف التي لا أثر لها من الكتب المعتمدة ، أو لوجود مضمون الكتاب بعينه في بعض كتب الشيعة الأعاجم المتقدمين – إلا قليلا من ديباجته كما قيل – أو لبعد التأليف بهذا السوق واللسان من مثله ، وفي مثل الغري السري العربي . انتهى . قلت : أما النقل عن الضعاف فهو كلام صادر عمن لم ينظر إلى الكتاب ، ولا عهد له بمؤلفات الأصحاب في هذا الباب ، أو لا معرفة له بالسليم والسقيم ، والضعيف والصحيح ، فإنهم في مقام الرد على العامة والطعن على أئمتهم ، ينقلون عن كتب المخالفين من صحاحهم وتفاسيرهم ، وإن كان جميعها عندنا من أضعف الضعاف ، وفي مقام ذكر الفضائل والمعاجز يتساهلون في طرقها ، ويتسامحون في النقل والأسانيد ، غير أنهم يلاحظون الكتب المنقولة فلا يخرجونهما إلا عن المعتبرة منها بالاعتماد على مؤلفها . ومن تأمل في الكتاب المذكور لا يرى فرقا بينه وبين ما تقدمه من مؤلفات العلامة وابن شهرآشوب وغير هما في هذا الباب. مع أن جل ما ينقل عنه مما نقله عنه بعده الأصحاب كصاحب البحار والوسائل ، والباقي أيضا من الكتب المعتبرة وإن لم يصل إليهم كمؤلفات عماد الدين حسن بن علي الطبرسي صاحب كامل البهائي وأسرار الإمامة وغيرها . وأما وجود مضمونه في كتاب آخر ، فقد عرفت حقيقة الحال ، والبعد الذي ذكره أشبه بكلام الأطفال . فظهر مما ذكرناه من شهادة هؤلاء المشايخ الذين هم المرجع في أمثال هذا المقام خصوصا صاحب الرياض . وكذا شيخنا صاحب الوسائل مع ما عرفت من طريقته من شدة تحرزه عن النقل عن الكتب التي لم يعرف مؤلفها ، وجزمه بالنسبة ، ونقله منه ، مع قرب عهده بالمولى المذكور . وكذا الشيخ سليمان الذي يعبر عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة بالمحقق البحراني([8]) ، مضافا إلى بعد الوضع لعدم الدواعي ، بل وعدم إمكان النسبة عادة إلى مثل المولى المزبور الذي هو في عصره من رؤساء المذهب وأساتيذ العلماء ، ولم تكن تشتبه مؤلفاته عليهم خصوصا مثل هذا الكتاب الكبير . وقد كان المعروفون من تلامذته في قرب عصرهم كالعالمين الجليلين النبيلين الأمير فضل الله التفريشي والأمير علام ، ولما سئل المولى المقدس عند وفاته عمن يستحق أن يرجع إليه بعده ؟ قال : أما في الشرعيات فإلى الأمير علام ، وأما في العقليات فإلى الأمير فضل الله . وغير ذلك من القرائن أنه لا ينبغي التردد في كونه من مؤلفاته . وسمعت من بعض المشايخ : أن أصل هذه الشبهة من بعض من انتحل التصوف من ضعفاء الإيمان لما رأوا في الكتاب من ذكر قبائح القوم ومفاسدهم ، مع ما عليه مؤلفه من القدس والتقوى والمقبولية عند الكافة ، فدعاهم ذلك إلى إنكار كونه منه تشبثا منهم بما هو أوهن وأوهى من بيت العنكبوت)([9]).
والشيخ عباس القمي (ت:1359هـ) نقل أن مجموعة من العلماء يصرحون في نسبة الكتاب للأردبيلي حيث يقول : (قد أطال الكلام صاحب كتاب حديقة الشيعة في رد الصوفية ، وهو على ما صرّح به جمع من العلماء الكبار والمحدثين العظام كشيخنا الحر العاملي والشيخ يوسف البحراني والمولى محمد طاهر القمي وصاحب رياض العلماء والشيخ عبد اللّه بن صالح السماهيجي والعالم الرباني الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني وشيخنا المحدث الماهر النوري وغير هؤلاء (رضوان اللّه عليهم أجمعين) هو المولى الأجل العالم الكامل الرباني والمحقق الفقيه الصمداني مولانا أحمد الأردبيلي الذي يضرب بزهده وورعه وقدسه الأمثال وإلى علمه وفقهه آباط الآبال ، وذكر فيه أخبارا في ذمهم عن أهل البيت الأطهار عليهم السلام)([10]).
وآقا بزرك الطهراني (ت:1389هـ) نسبه للأردبيلي في عدة مواضع من دون تردد ، من ضمنها عند حديثه عن كتاب : (الأربعون حديثا) لزين الدين الشامي : (الأربعون حديثا في الفضائل للشيخ السعيد زين الدين بن علي بن أحمد الشامي الشهيد سنة 966 ، ينقل عنه المقدس المولى أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة جملة من أخبار فضائل أمير المؤمنين عليه السلام)([11]).
ومنها عند حديثه عن كتاب (قرب الإسناد) لوالد الشيخ الصدوق : (صرح المولى المقدس المولى أحمد الأردبيلي ، في ( حديقة الشيعة ) في ذكر أحوال الصادق ع بوجود ( قرب الإسناد)([12]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) روضات الجنات،ج1،ص83.
[2] ) الاثنا عشرية،٣٠.
[3] ) أمل الآمل،ج2،ص23.
[4] ) (أمل الأمل) من مصنفات الحر العاملي صاحب الوسائل.
[5] ) يقصد الاثنا عشرية في الرد على الصوفية.من مصنفاته المطبوعة في وقتنا الحاضر.
[6] ) أي : الشيخ الحر العاملي ، والشيخ يوسف البحراني ، والشيخ عبد الله بن صالح ، والشيخ سليمان البحراني ، والميرزا عبد الله الأفندي صاحب الرياض .
[7] ) خاتمة مستدرك الوسائل،ج2،ص91 وما بعدها.
[8] ) ذكر الوحيد البهبهاني في الفائدة الرابعة : (مرادي من المحقق البحراني هو الفاضل الكامل المحقق المدقق الفقيه النبيه نادرة العصر والزمان ، المحقق الشيخ سليمان).الفوائد الرجالية،ص64.
[9] ) خاتمة مستدرك الوسائل،ج2،ص102.
[10] ) سفينة البحار،ج5،ص197.
[11] ) الذريعة،ج1،ص416.
[12] ) الذريعة،ج17،ص69.