تجسم الأعمال ما بين الحقيقة والخيال (14) 

تجسم الأعمال ما بين الحقيقة والخيال (14)

تجسم الأعمال والمنافاة للمعاد الجسماني

 

يقول الشيخ محمد مهدي النراقي : (وقد أيد هذا المذهب أعني صيرورة الملكات صورا روحانية باقية أبد الدهر موجبة للجبهة والالتذاذ والتوحش والتألم ، بأنه لو لم تكن تلك الملكات والنيات باقية أبدا لم يكون للخلود في الجنة أو النار وجه صحيح ، إذ لو كان المقتضي للثواب أو العذاب نفس العمل والقول ، وهما زائلان لزم بقاء المسبب مع زوال السبب وهو باطل ، وكيف يجوز للحكيم أن يعذب عباده أبد الدهر لأجل المعصية في زمان قصير ، فإذا منشأ الخلود هو الثبات في النيات والرسوخ في الملكات ، ومع ذلك فمن يعمل مثقال ذرة من الخير أو الشر يرى أثره في صحيفة نفسه أو في صحيفة أعلى وأرفع من ذاته أبدا كما قال سبحانه : ( في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة ) . والسر فيه أن الأمر الذي يبقى مع النفس إلى حين مفارقتها من الدنيا ولم يرتفع عنها في دار التكليف يبقى معها أبدا ولا يرتفع عنها أصلا لعدم تجدد ما يوجب إزالته بعد مفارقته عن عالم التكليف . ثم الظاهر أن هذا المذهب – عند من قال به من أهل الشرائع – بيان لكيفية الثواب والعقاب الروحانيين مع إذعانه بالجنة والنار الجسمانيين ” إذ لو كان مراده قصر اللذة والثواب والألم والعقاب والجنات والقصور والغلمان والحور والنار والجحيم والزقوم والضريع وساير ما ورد في الشريعة القادسة

من أمور القيامة على ما ذكر فهو مخالف لضرورة الدين)([1]).

إن قوله مخالف لضرورة الدين لأنه مخالف للثواب والعذاب الجسماني . ولكن مما يقتضي الإنصاف بالرغم من قصر الأدلة على تجسم الأعمال إلا أنه (تجسم الأعمال) لا يتنافى مع المعاد الجسماني إلا على أحد المعنيين الذي اختاره ملا صدرا دون المعنى الآخر وقد تم بيانهما في عنوان (كيفية تجسم الأعمال في الآخرة).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) جامع السعادات،ج1،ص43.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.