مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (1)

 

مخاض المعرفة في تتمة دعاء عرفة (1)

تتمة دعاء عرفة

روى السيد ابن طاووس في نسخة من نسخ الإقبال تتمة لدعاء عرفة ، يحسنُ نقلها بتمامها ثم التعرض لِما فيها من تحقيق وكلام : (إِلَهِي أَنَا الْفَقِيرُ فِي غِنَايَ فَكَيْفَ لَا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي إِلَهِي أَنَا الْجَاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لَا أَكُونُ جَهُولًا فِي جَهْلِي إِلَهِي إِنَّ اخْتِلَافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَوَاءِ مَقَادِيرِكَ مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلَى عَطَاءٍ وَالْيَأْسِ مِنْكَ فِي بَلَاءٍ إِلَهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ إِلَهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُنِي [أَتَمْنَعُنِي] مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي إِلَهِي إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ وَإِنْ ظَهَرَتِ الْمُسَاوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ إِلَهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَوَكَّلْتَ لِي وَكَيْفَ أُضَامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بِي هَا أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحَالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حَالِي وَهُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقَالِي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمَالِي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ لَا تُحْسِنُ أَحْوَالِي وَبِكَ قَامَتْ يَا إِلَهِي مَا أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَمَا أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي إِلَهِي مَا أَقْرَبَكَ مِنِّي وَقَدْ أَبْعَدَنِي عَنْكَ وَمَا أَرْأَفَكَ بِي فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ إِلَهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلَافِ الْآثَارِ وَتَنَقُّلَاتِ الْأَطْوَارِ أَنَّ مُرَادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى لَا أَجْهَلَكَ فِي شَيْءٍ إِلَهِي كُلَّمَا أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ وَكُلَّمَا آيَسَتْنِي أَوْصَافِي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ إِلَهِي مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مَسَاوِيهِ مَسَاوِيَ وَمَنْ كَانَتْ حَقَائِقُهُ [حَقَّانِيَّتُهُ] دَعَاوِيَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ دَعَاوِيهِ دَعَاوِيَ إِلَهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيَّتُكَ الْقَاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكَا لِذِي مَقَالٍ مَقَالًا وَلَا لِذِي حَالٍ حَالًا إِلَهِي كَمْ مِنْ طَاعَةٍ بَنَيْتُهَا وَحَالَةٍ شَيَّدْتُهَا [شيدتها] هَدَمَ اعْتِمَادِي عَلَيْهَا عَدْلُكَ بَلْ أَقَالَنِي مِنْهَا فَضْلُكَ إِلَهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلًا جَزْماً فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً إِلَهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقَاهِرُ وَكَيْفَ لَا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْآمِرُ إِلَهِي تَرَدُّدِي فِي الْآثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَمَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ عَمِيَتْ عَيْنٌ لَا تَزَالُ [تَرَاكَ] عَلَيْهَا رَقِيباً وَحَسَرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً إِلَهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثَارِ فَأَرْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوَارِ وَهِدَايَةِ الِاسْتِبْصَارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْهَا مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِلَهِي هَذَا ذُلِّي ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَهَذَا حَالِي لَا يَخْفَى عَلَيْكَ مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ إِلَهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَصُنِّي بِسِرِّكَ [بِسِتْرِكَ] الْمَصُونِ إِلَهِي حَقِّقْنِي بِحَقَائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ وَاسْلُكْ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ إِلَهِي أَقِمْنِي [أَغْنِنِي] بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَاخْتِيَارِكَ [وَبِاخْتِيَارِكَ] لِي عَنِ اخْتِيَارِي وَأَوْقِفْنِي عَلَى مَرَاكِزِ اضْطِرَارِي إِلَهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي [الرَّمْسِ] بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلَا تَكِلْنِي وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلَا تُخَيِّبْنِي وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلَا تَحْرِمْنِي وَبِجَنَابِكَ أَنْتَسِبُ فَلَا تُبَعِّدْنِي وَبِبَابِكَ أَقِفُ فَلَا تَطْرُدْنِي إِلَهِي تَقَدَّسَ رِضَاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي إِلَهِي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذَاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي إِلَهِي إِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ يُمَنِّينِي [يُمِيتُنِي] وَإِنَّ الْهَوَاءَ بِوَثَائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى أَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبِي [طَلِبَتِي] أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الْأَنْوَارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ [وَوَجَدُوكَ] وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الْأَغْيَارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِوَاكَ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى غَيْرِكَ أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوَالِمُ وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبَانَتْ لَهُمُ الْمَعَالِمُ [إِلَهِي] مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَمَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلًا وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغَى عَنْكَ مُتَحَوَّلًا كَيْفَ يُرْجَى سِوَاكَ وَأَنْتَ مَا قَطَعْتَ الْإِحْسَانَ وَكَيْفَ يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عَادَةَ الِامْتِنَانِ يَا مَنْ أَذَاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلَاوَةَ الْمُؤَانَسَةِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ وَ يَا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيَاءَهُ مَلَابِسَ هَيْبَتِهِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ وَأَنْتَ الْبَادِي بِالْإِحْسَانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعَابِدِينَ وَأَنْتَ الْجَوَادُ بِالْعَطَاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ وَأَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِمَا وَهَبْتَ لَنَا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ إِلَهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ وَاجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ إِلَهِي إِنَّ رَجَائِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ كَمَا أَنَّ خَوْفِي لَا يُزَايِلُنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ رَفَعَتْنِي [دَفَعَتْنِي] الْعَوَالِمُ إِلَيْكَ وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ إِلَهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي أَمْ كَيْفَ أُهَانُ وَعَلَيْكَ [وَأَنْتَ] مُتَّكَلِي إِلَهِي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي أَمْ كَيْفَ لَا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي إِلَهِي كَيْفَ لَا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي فِي الْفُقَرَاءِ أَقَمْتَنِي أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي وَأَنْتَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ فَمَا جَهِلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَرَأَيْتُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَا مَنِ اسْتَوَى بِرَحْمَانِيَّتِهِ فَصَارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذَاتِهِ مَحَقْتَ الْآثَارَ بِالْآثَارِ وَمَحَوْتَ الْأَغْيَارَ بِمُحِيطَاتِ أَفْلَاكِ الْأَنْوَارِ يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرَادِقَاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ يَا مَنْ تَجَلَّى بِكَمَالِ بَهَائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الِاسْتِوَاءَ كَيْفَ تَخْفَى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الْحَاضِرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ)([1]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) إقبال الأعمال،ص348.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.