(45) س : ما هو محتوى كتاب المثنوي العنوي ؟
(45) س : ما هو محتوى كتاب المثنوي العنوي ؟
ج : كتاب المثنوي المعنوي للصوفي الحنفي محمد البلخي الملقب بجلال الدين الرومي(ت:672هـ) ، ولُقب بالرومي نسبة إلى أرض الروم (بلاد الأناضول) حيث قضى معظم حياته فيها،التقى الرمي بالصوفي شمس الدين التبريزي([1]) وتأثر به كثيراً ، حتى أنه بعد مقتل التبريزي نظم له ديواناً كاملاً سمَّاه (ديوان شمس تبريز).
وأما سبب التسمية بـ : (المثنوي) على ما ذكره بعض شراح المثنوي : (كلمة المثنوي تعني ذلك النظم الذي يُعرف بالمزدوج في العربية ، وهو يعتمد في التقفية على توحيد القافية بين شطري كل بيت من أبيات المنظومة . فكل بيت من الأبيات تكون له قافيته المستقلة ، وبهذا تتحرر المنظومة من القافية الموحدة التي طالما عاقت شعراء العرب عن نظم المطولات . فهذا التعدد في القوافي هو الذي مكن شعراء الفرس من نظم الملاحم المطولة على الأوزان العربية ، والانطلاق بها إلى أبعد مدى أرادوه)([2]).
وقد ضمن نضمه القصص والحكايات التي يرمز من خلالها إلى حقائق معنوية ـــ كما يدعي هو ومريدوه ـــ باللغة الفارسية ؛ فالمقروء باللغة العربية لم يعدو سوى كونه ترجمة باستثناء المقدمة كتبها بالعربية.
ويقول الرومي في مقدمة كتابه هذا معرِّفا به : (هذا كتاب المثنوي وهو أصولُ أصول أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين… اجتهدت في تطويل المنظوم المثنوي المشتمل على الغرايب والنوادر ، وغرر المقالات ، ودرر الدلالات ، وطريقة الزهاد ، وحديقة العباد ، قصيرة المباني ، كثيرة المعاني) ووصف كتابه أيضا في هذه المقدمة بأنه : (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) ولم يكن هذا بالشيء الغريب على مصنفي المتصوفة الثناء على كتبهم وتقديسها إلى حد الغلو فيها كما غالى ابن عربي في الثناء على فصوصه وفتوحاته والسيد حيدر الآملي في الثناء على مصنفاته)([3]).
وكان هذا الكتاب محل نظر وإكبار عرفاء الصوفية من الشيعة والعامة على حد سواء كما تلقفوا مصنفات ابن عربي وممن سبقه من رموز التصوف ، ولذا كان بعضهم يصف المثنوي بأنه أصل أصول الدين جرياً على نعت الرومي له ، ويقول هادي السبزواري مُثنياً على كتاب المثنوي : (للكتاب العظيم والأسلوب الحكيم المثنوى المعنوى ، لا بل للتفسير المنظوم والسر المكتوم ، إذ كله كما ترى بيان للآيات البينات وتبيان للسنن النبويات وقبسات من نور القران اللامع وجذوات من شعاع مصباحه الساطع وهو بحسب الاقتناص من خزائن القران فيه كل الحكمة العتيقة وكله الحكمة الأنيقة ولله در ناظمه حيث جمع بين الشريعة والطريقة والحقيقة)([4]).
ومن الذين انتقدوا المثنوي العلامة المجلسي وذكر جملة من معتقداته الباطلة مثل الجبر ووحدة الوجود وإسقاط العبادة وغيرها : (لم تجد صفحة من ديوان المثنوي لم يذكر في أشعاره الجبر ، أو وحدة الوجود ، أو سقوط العبادة ، أو غيرها من الاعتقادات الفاسدة ، وكما هو المشهور منه والذي قبله تابعيه أن الغناء والمزمار و . . . عبادة)([5]).
وأيضاً العلامة الأميني صاحب موسوعة الغدير في تسجيل صوتي باللغة الفارسية جاء فيه ما ترجمته : (لن تجد علماً صحيحاً عند حافظ الشيرازي ، ولا في المثنوي..يُؤتى بهذا الكتاب.. ويُؤتى بهؤلاء ليُسألوا عن هذه الكلمة التي كتبوها أن المثنوي أصل أصل الأصول ! المثنوي أصل أصل الأصول؟!والله لو شربت الخمر لمائة سنة لربما عفا الله عنك ولكنه لا يعفو عن مثل هذه الكلمة).
ولا تتوهم أن المثنوي من الأمور التي هل محل خلاف لدى العلماء لأن العلماء لم يرتضوه ، ولم يرتضه ويهتم به إلا ذوو الاتجاه العرفاني الصوفي فلا تشتبه وتعد الخلاف فيه كالمسائل الخلافية ؛ إذ الخلاف فيه ما بين اتجاهين متغايرين.
من معتقدات المثنوي الباطلة
إن كتاب المثنوي فيه الكثير من المعتقدات الباطلة التي نضمها وفق ما هو سائد ومعروف لدى الصوفية من ضمنها :
(إن المرأة ليست بمعشوقة ، بل هي نور الحق ! فقل إنها خالقه ، أو قل إنها ليست بمخلوقة)([6]).
وقوله : (فما دام الخالق قد قال : [يَدُ اللَّه فَوْقَ أَيْديهمْ] ، فإن الله قد أعلن أن أيدينا هي يده .ولهذا فإني على يقين أن لي يدا طولى ، تصل إلى ما فوق السماء السابعة)([7]).
ومن معتقداته في الجبر يقول منشئاً محاورة أمير المؤمنين عليه السلام لابن ملجم يقول له فيها أن قتلك لي ليس بيدك : (أنني أعلم أن هذا الأمر ليس منك إنك آلة الحق ، وأما الفاعل الحقيقي فيد الحق)([8]).
وما عليه الشيعة الإمامية في إبطال الجبر تبعاً لأئمتهم عليهم السلام من المسلمات ،والنصوص في ذلك أوضح من أن تذكر ، ولكن أكتفي بخبر رواه الشيخ الصدوق في التوحيد : (إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أن الله عز وجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر ، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون وإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ)([9]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) لم يترك التبريزي أثرا ولكن يقال أنه عثر له على نصوص بعنوان (المقالات).
[2] ) انظر ترجمة وشرح محمد كفافي.
[3] ) انظر ما ذكرته بهذا الخصوص في كتاب التصوف والعرفان.
[4] ) شرح المثنوي،ج1،ص9.
[5] ) عين الحياة،ج2،ص404.
[6] ) المثنوي معرب الكفافي،ج1،ص304.
[7] ) المثنوي معرب الكفافي،ج2،ص197.
[8] ) المثنوي معرب الكفافي،ج1،ص432.
[9] ) التوحيد،ص 360.