(47) س : ما مدى صحة ومعنى : (لا فرق بينك وبينهم إلا أنهم عبادك وخلقك) ؟
(47) س : ما مدى صحة ومعنى : (لا فرق بينك وبينهم إلا أنهم عبادك وخلقك) ؟
ج : هذه الفقرة رويت في دعاء أيام شهر رجب حيث روى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد عن محمد بن عثمان بن سعيد ــ السفير الثاني رضوان الله عليه ــ عن الإمام المهدي عليه السلام : (بسم الله الرحمن الرحيم ، ادع في كل يوم من أيام رجب : اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك المأمونون على سرك المستبشرون بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك ، أسألك بما نطق فيهم من مشيتك فجعلتهم معادن لكلماتك وأركانا لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان ، يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينهم إلا أنهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك ، بدؤها منك وعودها إليك أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة ورواد ، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلا أنت ، فبذلك أسألك وبمواقع العز من رحمتك وبمقاماتك وعلاماتك أن تصلي على محمد وآله وأن تزيدني إيمانا وتثبيتا ، يا باطنا في ظهوره وظاهرا في بطونه ومكنونه يا مفرقا بين النور والديجور يا موصوفا بغير كنه ومعروفا بغير شبه حاد كل محدود وشاهد كل مشهود وموجد كل موجود ومحصي كل معدود وفاقد كل مفقود ليس دونك من معبود ، أهل الكبرياء والجود ! يا من لا يكيف بكيف ولا يؤين بأين ، يا محتجبا عن كل عين ، يا ديموم يا قيوم وعالم كل معلوم صل على عبادك المنتجبين وبشرك المحتجبين وملائكتك المقربين)([1]).
وبعد ما كان معلوما على نحو القطع واليقين عن أئمة الهدى عليهم السلام نفي الحلول والاتحاد تكون هذه الفقرة مجملة ، إلا أنه بقرينة الفقرات السابقة : (فجعلتهم معادن لكلماتك وأركانا لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان ، يعرفك بها من عرفك) يمكن القول بأن المراد منها هو أن أمرهم عليهم السلام هو أمر الله تعالى ، أو القول بأن طاعتهم هي طاعة لله تعالى ، أي لا فرق من حيث وجوب الطاعة ، كما ذكر الشيخ عز الدين الحسن بن سليمان ـــ من علماء القرن السابع الهجري ــ بعد ما ذكر فقرة الدعاء قال : (أي في وجوب الطاعة)([2]).
أو أن لهم القدرة في التصرف في الكون كما أشار إلى ذلك السيد الخوئي عند السؤال عن تلك الفقرة :
س : ما معنى العبارة الواردة في دعاء رجب اليومي (لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك) ؟
فأجاب رحمه الله : (لعلها تشير إلى أنهم مع بلوغهم في مرتبة الكمال إلى حد نفوذ التصرف منهم في الكون بإذنك ، فهم مقهورون لك ، لأنهم مربوبون لك ، لا حيلة لهم دون إرادتك ومشيتك فيهم بما تشاء ، والله العالم)([3]).
وقد حاول بعض الصوفية الاستدلال من خلالها على معتقدات باطلة ، أو الاستدلال من خلالها على صحة ما روي في كتبهم : (لنا مع اللَّه حالات هو فيها نحن ونحن هو ومع ذلك هو هو ونحن نحن)([4]).وذلك بعد ما ذهبوا بها إلى معان بعيدة لا دلالة عليها من ذات الفقرة وما يكتنفها من الفقرات ، كما هو ديدنهم في جر النصوص وتأويلها فيما يبتغون وعضد ما لديهم من متبنيات لا تمت للدين بصلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) مصباح المتهجد،ص803.إقبال الأعمال،ص646.
[2] ) تفضيل الأئمة على الأنبياء،ص264.
[3] ) صراط النجاة،ج3،ص317.
[4] ) تم الكلام فيها مفصلاً .