48س:هل روي عن الإمام السجاد أنه قال:جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا؟
(48) س : هل روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال : جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا ؟
ج : لم ينسب للإمام السجاد عليه السلام في مصدر معتبر من مصادر الحديث وغيره ، بل إن المصادر الأولية لم تروه أصلاً .
وقد نُسبت للحلاج في ديوانه :
إني لأكتم من علمي جواهره…كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن…إلى الحسين ووصى قبله الحسنا
يا رب جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي…يرون أقبح ما يأتونه حسنا([1]).
ونقلها أبو طالب المكي في علم القلوب عن الإمام السجاد عليه السلام : قال زين العابدين بن الحسين علي بن أبي طالب ، رضوان اللّه عليهم أجمعين :
إني لأكتم من علمي جواهره…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
يا رب جوهره علم لو أبوح به…يرون أقبح ما يأتونه حسنا([2]).
والخطيب البغدادي في تاريخه رواها عن كلثوم بن عمرو : أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد ، حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيباني قال : حدثني كلثوم بن عمرو بن كلثوم التغلبي قال : أنشدني أبي أن جده كلثوم بن عمرو أنشده لنفسه :
إني لأخفي من علمي جواهره…كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
ورب جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجلا دينون دمي…يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن…أوصي حسينا بما قد خبر الحسنا([3]).
والغزالي في منهاج العابدين جعلها من أقوال الإمام السجاد عليه السلام : ألم تسمع إلى قول زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حيث يقول مضمنا :
إني لأكتم من علمي جواهره…كي لا يرى ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن…إلى الحسين وأوصى من قبله الحسنا([4]).
وابن عربي في الفتوحات تردد بين كونه من قول الإمام السجاد عليه السلام وبين كونه تمثل بها إذ يقول : وإلى هذا العلم كان يشير على ابن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين عليهم الصلاة والسلام بقوله فلا أدري هل هما من قيله أو تمثل بهما
يا رب جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي…يرون أقبح ما يأتونه حسنا([5]).
وفي موضع آخر من الفتوحات نسبها للشريف الرضي : (لم يكن لقول الرضي من حفدة علي بن أبي طالب معنى إذ قال…وذكر الأبيات)([6]).
والرومي في المثنوي نسبها للإمام الحسن عليه السلام حيث ذكر : عن الحسن بن علي رضي الله عنهما :
ورب جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا([7]).
وفي موضع آخر نسبها للإمام السجاد عليه السلام : (وفي أبيات لعلى زين العابدين السجاد …ثم ذكر الأبيات)([8]).
ونسبها عبد الرحمن الأنصاري (ت:699هـ) للإمام السجاد عليه السلام : قال علي بن الحسين صلوات اللّه عليه :
يا رب جوهر علم لو أبوح به…لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال صالحون دمي…يرون أقبح ما يأتونه حسنا([9]).
وحيدر الآملي نسبها للإمام السجاد عليه السلام : (قال الإمام المعصوم زين العابدين عليه السلام في أبيات منسوبة إليه وهي هذه…ثم ذكر الأبيات)([10]).
والفيض الكاشاني نسبها للإمام السجاد عليه السلام : (قال الإمام زين العابدين عليه السلام في أبيات منسوبة إليه…ثم ذكر الأبيات)([11]).
وكل هؤلاء الصوفية الذين نقلوا الأبيات ونسبوها إلى أحد الأئمة عليهم السلام لم يذكروا لها سنداً ولا مصدراً ، كما أن سائر الصوفية ممن تعرضوا لنقل الأبيات ـــ أعرضتُ عن ذكرهم توخيا للاختصار ـــ ونسبوها إلى أحد الأئمة عليهم السلام أيضاً لم يأتوا على ذكر السند والمصدر ؛ ولذا يكون نسبتها للإمام السجاد أو أحد الأئمة عليهم السلام مع خلوها من المصادر المعتبرة من جهة ، ومن حيث نقلها في مصنفات الصوفية ، مضافاً إلى أن نسبتها في بعض مصنفات التصوف وتاريخ بغداد إلى الحلاج وكلثوم بن عمرو محل توقف وإشكال.
إن الصوفية يتشبثون بنقل هذه الأبيات ونسبتها إلى احد الأئمة عليهم السلام لتصحيح ما لديهم من أباطيل يعدونها من التوحيد والأسرار ، وإضفاء جانب القبول عليها فإذا ما تحدثوا عن معتقد من معتقداتهم أو رمزوا إليه ختموا كلامهم بهذه الأبيات وكأنها الدليل القاطع على صحته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) ديوان الحلاج،ص187.
[2] ) عين القلوب،ص82.
[3] ) تاريخ بغداد،ج12،ص487.
[4] ) منهاج العابدين،ص49.
[5] ) الفتوحات المكية،ج1،ص200.
[6] ) الفتوحات المكية،ج1،ص32.
[7] ) المثنوي،ج6،ص613.
[8] ) المثنوي،ج5،ص536.
[9] ) مشارق أنوار القلوب،ص75.
[10] ) المحيط الأعظم،ج2،ص556.
[11] ) عين اليقين،ج1،ص38.