إذا كانت بعض الصفات ذاتية ملازمة للذات فما هو معنى الأسماء والصفات مخلوقات كما روي؟

إذا كانت بعض الصفات ذاتية ملازمة للذات فما هو معنى الأسماء والصفات مخلوقات كما روي؟

ج : روي في بعض الأخبار أن الأسماء والصفات مخلوقات لله تعالى كما عن محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني (أي الإمام الجواد) عليه السلام فسأله رجل فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه ؟ وأسماؤه وصفاته هي هو ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : (إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول : هي هو أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وإن كنت تقول : هذه الصفات والأسماء لم تزل فإن (لم تزل) محتمل معنيين فإن قلت :لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم ، وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه ، يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره وكان الله ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل . والأسماء والصفات مخلوقات ، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف ، وإنما يختلف وتأتلف المتجزئ فلا يقال : الله مؤتلف ولا الله قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته ، لأن ما سوى الواحد متجزئ والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له)([1]).

ومحل الكلام والمعنى المراد من حديثه هو قوله عليه السلام : (خلقها وسيلة بينه وبين خلقه ، يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره) (والأسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله)

والمراد من خلق الأسماء والصفات هو خلق الألفاظ والحروف كما جاء في حاشية رفيع الدين النائيني (ت:1082هـ) : (قوله عليه السلام : (والأسماء والصفات مخلوقات) . المراد بالأسماء والصفات الألفاظ والحروف الدالة على ما وضعت له)([2]).

ويقول العلامة المجلسي  : (قوله عليه السلام : (والأسماء والصفات مخلوقات)  أقول: ههنا اختلفت نسخ الحديث ففي توحيد الصدوق مخلوقات المعاني ، أي معانيها اللغوية ومفهوماتها الكلية مخلوقة وفي احتجاج الطبرسي ليس لفظ المعاني أصلا، وفي الكتاب والمعاني بالعطف ، فالمراد إما مصداق مدلولاتها ، ويكون قوله والمعنى بها عطف تفسير له ، أو هي معطوفة على الأسماء ، أي والمعاني وهي حقائق مفهومات الصفات مخلوقة ، أو المراد بالأسماء الألفاظ وبالصفات ما وضع أسماؤها له ، وقوله : مخلوقات والمعاني خبران للأسماء والصفات ، أي الأسماء مخلوقات والصفات هي المعاني والمعنى بها هو الله أي المقصود بها المذكور بالذكر ، ومصداق تلك المعاني المطلوب بها هو ذات الله تعالى ، والمراد بالاختلاف تكثر الأفراد أو تكثر الصفات ، أو الأحوال المتغيرة أو اختلاف الأجزاء وتباينها بحسب الحقيقة ، أو الانفكاك والتحلل وبالائتلاف التركب من الأجزاء أو اتفاق الأجزاء في الحقيقة ، وحاصل الكلام أن ذات الله سبحانه ليس بمؤتلف ولا مختلف لأنه واحد حقيقي ، وكل ما يكون واحدا حقيقيا لا يكون مؤتلفا ولا مختلفا ، أما أنه واحد حقيقي فلقدمه ، ووجوب وجوده لذاته . وأما أن الواحد لا يصح عليه الائتلاف والاختلاف ، لأن كل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة مخلوق ، ولا شيء من المخلوق بواحد حقيقي لمغايرة الوجود والمهية وللتحلل إلى المهية والتشخص ، فلا شيء من الواحد بمتجزئ ولا شيء من المتجزئ بواحد)([3]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) أصول الكافي،ج1،ص116.

[2] ) الحاشية على أصول الكافي،ص392.

[3] ) مرآة العقول،ج2،ص43.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.