هل أن طلب المعارف من غيرنا أو طلب الهداية من غيرنا مساوق لإنكارنا من الأخبار المروية؟

 

هل أن طلب المعارف من غيرنا أو طلب الهداية من غيرنا مساوق لإنكارنا من الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام؟

ج : لم يكن من الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وإنما رأى الميرزا مهدي الأصفهاني([1]) هذه الفقرة في ورقة ، كما نقل الشيخ علي النمازي في (مستدرك سفينة البحار) متحدثاً عن الميرزا : (المهدي الأصفهاني أعلى الله مقامه الشريف هو العالم العامل الكامل بالعلوم الإلهية ، والمؤيد بالتأييدات الصمدانية ، الورع التقي النقي المهذب بالأخلاق الكريمة ، والمتصف بالصفات الجليلة مولانا وأستاذنا الآقا ميرزا مهدي الأصفهاني الخراساني المسكن والمدفن في دار الضيافة الرضوية على ساكنها آلاف الثناء والتحية ، جمع الله تعالى بيننا وبينه في جوار أوليائه محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم . ولد في سنة : (1303) في أصفهان وتلمذ عند أبيه حجة الإسلام الحاج شيخ إسماعيل وعند علماء أصفهان من الفقهاء الكرام حتى بلغ مرتبة كاملة جليلة في الفقه والأصول ، فخرج منه عازما إلى التشرف بجوار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف . فلما تشرف حضر درس الفقيه العلامة السيد محمد كاظم اليزدي صاحب العروة الوثقى والعلامة الآخوند ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأصول ثم حضر محضر العلامة المحقق الشيخ محمد حسين النائيني . قال مولانا  الأستاذ : أفاض لي العلامة النائيني مهمات الفقه والأصول واستفدت منه مدة منفردا وأول من لحق بنا العلامة السيد جمال الكلبايكاني ثم بعد مدة لحق بنا واحد بعد واحد حتى صرنا سبعة أفراد من الأوتاد . وتم لنا دورة الفقه والأصول في سبع نفرات وكنا في محضره الشريف إلى أربع عشرة سنة .

وحين بلغ إلى خمس وثلاثين سنة سنه الشريف نال أعلى مراتب الاجتهاد وأجازه العلامة النائيني وغيره أحسن الإجازات ومما عبر به في إجازته المفصلة التي كتبها النائيني بخطه الشريف في شوال(1338) هجري المزينة بخطوط جمع من الأعاظم المراجع الكرام وتكون عندي قال : (العالم العامل والتقي الفاضل العلم العلام والمهذب الهمام ذو القريحة القويمة والسليقة المستقيمة والنظر الصائب والفكر الثاقب عماد العلماء والصفوة الفقهاء الورع التقي والعدل الزكي جناب الآقا ميرزا مهدي الأصفهاني أدام الله تعالى تأييده وبلغه الأماني ــ إلى أن قال : ــ وحصل له قوة الاستنباط وبلغ رتبة الاجتهاد وجاز له العمل بما يستنبطه من الأحكام) ــ إلخ .

وكان مشتغلاً بتعلم الفلسفة المتعارفة وبلغ أعلى مراتبها قال : لم يطمئن قلبي بنيل الحقائق ، ولم تسكن نفسي بدرك الدقائق ، فعطفت وجه قلبي إلى مطالب أهل العرفان فذهبت إلى أستاذ العرفاء والسالكين السيد أحمد المعروف بالكربلائي في كربلاء وتلمذت عنده حتى نلت معرفة النفس وأعطاني ورقة أمضاها . وذكر اسمي مع جماعة بأنهم وصلوا إلى معرفة النفس وتخليتها من البدن ، ومع ذلك لم تسكن نفسي إذ رأيت هذه الحقائق والدقائق التي سموها بذلك لا توافق ظواهر الكتاب وبيان العترة ولابد من التأويل والتوجيه.ووجدت كلتا الطائفتين كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فطويت عنهما كشحا وتوجهت وتوسلت مجدا مكدا إلى مسجد السهلة في غير أوانه باكيا متضرعا متخشعا إلى صاحب العصر والزمان عليه السلام فبان لي الحق وظهر لي أمر الله ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ووقع نظري في ورقة مكتوبة بخط جلي : طلب المعارف من غيرنا أو طلب الهداية من غيرنا (الشك مني) مساوق لإنكارنا ، وعلى ظهرها مكتوب : أقامني الله وأنا الحجة ابن الحسن .

قال : فتبرأت من الفلسفة والعرفان وألقيت ما كتبت منهما في الشط ووجهت وجهي بكله إلى الكتاب الكريم وآثار العترة الطاهرة فوجدت العلم كله في كتاب الله العزيز وأخبار أهل بيت الرسالة الذين جعلهم الله خزانا لعلمه وتراجمة لوحيه ورغب وأكد الرسول صلى الله عليه وآله بالتمسك بهما وضمن الهداية للمتمسك بهما فاخترت الفحص عن أخبار أئمة الهدى والبحث عن آثار سادات الورى فأعطيت النظر فيها حقه وأوفيت التدبر فيها حظه ، فلعمري وجدتها سفينة نجاة مشحونة بذخائر السعادات وألفيتها فلكا مزينا بالنيرات المنجية من ظلمات الجهالات ، ورأيت سبلها لائحة وطرقها واضحة وأعلام الهداية والفلاح على مسالكها مرفوعة ، ووصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة وحدائق خضرة مزينة بأزهار كل علم وثمار كل حكمة إلهية الموحاة إلى النواميس الإلهية فلم أعثر على حكمة إلا وفيها صفوها ولم أظفر بحقيقة إلا وفيها أصلها والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)([2]).

ولكن هذه الفقرة :(طلب المعارف من غيرنا أو طلب الهداية من غيرنا مساوق لإنكارنا) وإن لم تكن من الأخبار إلا أن مضمونها ورد في جملة من الأخبار من ضمنها ما ورد عن الإمام  الصادق : (كذب من زعم أنه يعرفنا وهو متمسك بعروة غيرنا)([3]).

وعنه عليه السلام : (واللَّه ما جعل اللَّه لأحد خيرة في إتباع غيرنا وأن من وافقنا خالف عدونا ومن وافق عدونا في قول أو عمل فليس منا ولا نحن منهم)([4]).

وروى الحر العاملي عن كتاب صفات الشيعة للشيخ الصدوق قائلا : في كتاب (صفات الشيعة) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد،عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه السلام قال : (شيعتنا المسلمون لأمرنا ، الآخذون بقولنا ، المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منا)([5]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) مؤسس المدرسة التفكيكية وللعلماء مؤاخذات على بعض الآراء لديه.

[2] ) مستدرك سفينة البحار،ج10،ص517 ــ520.

[3] ) معاني الأخبار،ص493.

[4] ) الفوائد الطوسية، الحر العاملي، ص250.ورواه أيضا في وسائل الشيعة،ج27،ص119

[5] ) وسائل الشيعة،ج18،ص83.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.