(79) س : لماذا بعض العلماء لديه ثناء على السيد علي القاضي وبعضهم على خلاف ذلك

 

(79) س : لماذا بعض العلماء لديه ثناء على السيد علي القاضي وبعضهم على خلاف ذلك من حيث ذمه والتحذير منه كما هو شائع ومعروف في سيرة السيد القاضي ؟

ج : ينبغي التأكد من صحة مصدر الثناء وصدوره وإن صح فهذا يعني أن ذلك العالم حينما صدر منه الثناء لم يكن يعرف السيد القاضي بتوجهه الصوفي لأنه (القاضي) لديه درس عام يقتصر فيه على ذكر الآداب العامة والمستحبات المعروفة في الدين.ولديه درس آخر في الفتوحات المكية كما نقل  حسن زاده الآملي : (وكان آية الله القاضي يدرس الفتوحات المكية)([1]).

ونقل السيد الطهراني في الروح المجرد :(كان سماحة الحاج السيد هاشم يقول : كان للمرحوم القاضي كذلك دورة من الفتوحات المكية باللغة التركية يطالعها وينظر فيها أحياناً .وكان سماحة آية الله الشيخ عباس القوجاني يقول : كنت أذهب يومياً قبل الظهر إلى محضر المرحوم القاضي لساعتين ، وهو الوقت الذي يتشرف فيه جميع تلامذته والمشغوفون به بالحضور عنده . وكنت في هذه السنوات الأخيرة أقرأ له كتاب الفتوحات  فكان يستمع لي ، فإذا ورد علينا شخص غريب فقد كنتُ أقطع قراءتي فيتكلم المرحوم القاضي عن مواضيع أخرى)([2]).

ومنه يتبين أن الثناء الذي صدر من أحد العلماء كان لمعرفته بدرسه العام ، ولم يعرف عنه تدريسه لفتوحات ابن عربي ، ولم يعرف ميله للتوجه الصوفي وثناءه على رموزه مثل الحلاج وابن عربي كما نقل الطهراني في الروح المجرد قول السيد القاضي : (إن أساس مطالب منصور الحلاج هي نفس مطالب سائر العرفاء ، وليس لديه شيء آخر دونهم لكنه كان مفشياً للأسرار الإلهية  فأوقع جمعاً من الناس في الفتنة والفساد فرقي برأسه إلى المشنقة)([3]).

ويقول السيد القاضي في ابن عربي : (إن أحداً من الرعية لم يبلغ إلى ما بلغه محيي الدين بن عربي في المعارف العرفانية والحقائق النفسانية بعد مقام العصمة والإمامة…كل ما لدى ملا صدرا هو من محيي الدين وقد جلس على مائدته)([4]).

ونفس الكلام فيما إذا قرأتم حضور أحد العلماء من غير التوجه العرفاتي الصوفي درس السيد القاضي لا يعني ذلك أن حضوره تزكيته وتأييد لمسلكه إذ الحضور للدرس العام ، ومنهم من حضر وترك الدرس مثل السيد عبد الأعلى السبزواري حيث ترك الدرس لأسباب غير معلومة كما نقل نجله السيد علي في لقاء مع موقع الاجتهاد عندما سأله المحاور : هل ترك ــ السيد عبد الأعلى ــ درس السيد القاضي أم لا؟

فأجاب السيد علي السبزواري : نعم تركه،ولم يحضر إلا مدة قليلة([5]).

ولربما كان سبب ترك الدرس لميل السيد القاضي لابن عربي ومتبنياته ؛ لأن السيد السبزواري يرى ما لدى ابن عربي هو خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم حيث يقول : (مما دعا إليه بعض العرفاء كابن الفارض ومحيي الدين والحلاج ونحوهم ، وما نسب إلى بعض الشيخية على ما صرح به في شرح زيارة الجامعة ، فإن كل ذلك خروج عن الحق القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم)([6]).

ومما يجدر الإشارة إليه أن زيد الشاب الذي أثنى على السيد القاضي أو حضر درسه في مقتبل أيام شبابه هو غير زيد العالم المرجع الذي حضر درسه ؛ فيتطلب التنبه إلى أنه حين حضوره لم يكن سوى طالب بسيط في بدايات دراسته ولم يحضر لديه عند بلوغه مبلغ العلم والاجتهاد.

وقد طُرد تلميذ السيد القاضي البارز المعروف بالمسقطي من النجف الأشرف كما يتحدث الطهراني عن إبعاد السيد أبي الحسن الأصفهاني للمسقطي من النجف قائلاً: فقد مُنِع تدريس علم الحكمة الإلهية والعرفان في النجف ؛ كما أمِر السيد حسن بالذهاب إلى مسقط للتبليغ وترويج الدين .ولم يكن للسيد حسن أدنى رغبة في الخروج من النجف الأشرف ، وكان فراق المرحوم القاضي بالنسبة له من أصعب الأمور والمشكلات ؛ لذا فقد ذهب إلى أستاذه السيد القاضي وقال له : أتسمحون أن أستمر في الدرس وأتجاهل منع السيد وأستمر في الجهاد في طريق التوحيد ؟! فرد المرحوم آية الله القاضي عليه : اذهب من النجف إلى مسقط …. لقد أبعدت حوزة النجف السيد حسن المسقطي([7]).

 وفي كتاب قدوة العارفين متحدثاً عن السيد الأصفهاني : (قد سبق ذِكْرُ مُخالفته مع السيد حسن المعروف بالمسقطي وأمْرِهِ بالهِجرة أو على الأصح إبعاده من النجف)([8]).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) في سماء المعرفة،ص49.

[2] ) الروح المجرد،ص ٣٤٢.

[3] ) الروح المجرد ص470.

[4] ) التوحيد لكمال الحيدري،ج1،ص232،عن الكتاب التذكاري،ص41..

[5] ) موقع الاجتهاد / رابط اللقاء : http://ijtihadnet.net/%d9%82%d8%a8%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%86-%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d8%a2%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%84%db%8c/

[6] ) مواهب الرحمن،ج8،ص225.

[7] ) الروح المجرد،ص113ـ115.

[8] ) قدوة العارفين،ص71.عن كتاب صفحات من تاريخ الأعلام،ص349.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.