الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي (10)

الأثر الفلسفي والعرفاني عند ابن أبي جمهور الأحسائي (10)

5 ـ تأدبوا بآداب الروحانيين يظهر لكم :

نسب خبرا للنبي عيسى عليه السلام حيث نقل في المجلي : (قول عيسى عليه السلام : يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من يصعد يأتي به ، ولا في تخوم الأرض من ينزل يأتي به ، ولا من وراء البحار من يعبر يأتي به ، العلم مجبول في قلوبكم ، تأدبوا بين يدي اللَّه بآداب الروحانيين وتخلقوا بأخلاق الصديقين يظهر العلم في  قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم)([1]).

إن هذا الخبر لم يرد في المصادر الحديثية ، وقد تناقلته مصنفات الصوفية ، لأنه ينسجم مع ما ادعوه من أن الطريق إلى العلم هو تهذيب النفس وإصلاحها لإشراق العلم في القلب . ونقله أبو طالب المكي (ت:386هـ) في قوت القلوب بهذه الصيغة : (بعض الأخبار أن في بعض الكتب المنزلة : يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من ينزل به ولا في تخوم الأرضين من يصعد به ولا من وراء البحار من يعبره يأتي به العلم مجعول في قلوبكم . تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين وتخلقوا لي بأخلاق الصديقين أظهر العلم في قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم)([2]).

ونقله أبو حامد الغزالي (ت:505هـ) في (إحياء علوم الدين) باختلاف يسير ، ونسبه للكتب السالفة على حد تعبيره حيث يقول : (في بعض الكتب السالفة : يا بني إسرائيل لا تقولوا : العلم في السماء من ينزل به إلى الأرض ولا في تخوم الأرض من يصعد به ولا من وراء البحار من يعبر يأتي به العلم مجعول في قلوبكم ، تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين وتخلقوا لي بأخلاق الصديقين أظهر العلم في قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم)([3]).

وعمر السهروردي (ت:632هـ)([4]) نقله في عوارف المعارف : (أوحي اللّه تعالى في بعض الكتب المنزلة : يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من ينزل به ، العلم مجمول في قلوبهم ، تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين ، وتخلقوا إلى بأخلاق الصديقين ، نهر العلم من قلوبكم حتى يغطيكم أو يغمركم)([5]).

وابن عربي في تفسيره ذكر أنه نزل على بعض أنبياء بني إسرائيل : (نزل على بعض أنبياء بني إسرائيل : (يا بني إسرائيل ، لا تقولوا العلم في السماء من ينزل به ، ولا في تخوم الأرض من يصعد به ، ولا من وراء البحر من يعبر ويأتي به ، العلم مجعول في قلوبكم تأدبوا بين يديّ بآداب الروحانيين ، وتخلقوا بأخلاق الصديقين ، أظهر العلم من قلوبكم حتى يغمركم ويغطيكم)([6]).

والسيد حيدر الآملي نسبه للنبي عيسى عليه السلام : (قول عيسى عليه السلام : يا بني إسرائيل ، لا تقولوا العلم في السماء من يصعد يأتي به ، ولا في تخوم الأرض من ينزل يأتي به ، ولا من وراء البحر من يعبر يأتي به ، العلم مجبول في قلوبكم تأدبوا بين يدي اللّه بآداب الروحانيين وتخلّقوا بأخلاق الصديقين يظهر العلم في قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم)([7]).

وبعد ذلك يتضح أن ابن أبي جمهور نقله ممن تقدم عليه من الصوفية الذين ملئ كتاب (المجلي) بآرائهم ومعتقداتهم . ومن بعده نقله الفيض الكاشاني في (الحقائق في محاسن الأخلاق) و (قرة العيون) من غير سند ولم يشر للمصدر الذي نقل منه ، حيث نسب لأمير المؤمنين عليه السلام ما نصه : (ليس العلم في السماء فينزل إليكم ولا في تخوم الأرض فيخرج لكم ، ولكن العلم مجبول في قلوبكم تأدبوا بآداب الروحانيين يظهر لكم)([8]).

وبالنسبة إلى معناه يوجد له معنى صحيح نظير : [وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ]([9]) لأن بعض المعلومات لا يحصل عليها الإنسان بالتعلم المعهود وإنما بتوفيق الله وهدايته لليقين والخشية وما الله جل شأنه أعلم به .

ولكن ما أردتُ التنويه عليه هو أن هذا الخبر لا وجود له إلا في مصنفات الصوفية ونقله ابن أبي جمهور من مصنفاتهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) مجلي مرآة المنجي،ج5،ص1687.

[2] ) قوت القلوب،ج1،ص249.

[3] ) إحياء علوم الدين،ج1،ص121.

[4] ) وهو غير يحيى بن حبش المعروف بشهاب الدين السهروردي (ت:587هـ) .

[5] ) عوارف المعارف،ج1،ص49.

[6] ) تفسير ابن عربي،ج1،ص274.

[7] ) المحيط الأعظم،ج1،ص273.

[8] ) الحقائق في محاسن الأخلاق،ص429.قرة العيون،ص156.

[9] ) سورة البقرة:282.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.